قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ).
قال ابن عرفة : إنما ذكر قذف المحصنات دون قذف المحصنين ؛ لأن لحوق المعرة للنساء أشد ، بدليل قول الإمام مالك رحمهالله : قاذف الصبي الذي يطيق الوطء أنه لا يحد ، بخلاف قاذف الصبية المطيقة للوطء ، وما ذلك إلا للحوق المعرة لها.
قوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً).
مع أن مالكا رحمهالله ، قال في الضد : إذا قذف أنه يجلد نصف [٥٧ / ٢٧٦] الثمانين وعاقب القذف بثلاثة أمور : حسي : وهو الجلد وعدم قبول الشهادة ، ومعنوي : وهو الحكم عليه بالفسق.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ).
قال ابن عرفة : يؤخذ منها أنه إذا شهد أربعة على الزنا أحدهم الزوج أن الثلاثة يحدون ؛ لأنه ألغى شهادة الزوج ، بقوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) ، فإذا ثبت إلغاؤها مع انفرادها ثبت مطلقا ، وهي مسألة المدونة في أجزاء المعان.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ).
يؤخذ منه في مسألة الغيبة فيمن حلف على طائر أنه غراب ، وحلف الآخر أنها حدأة ، فغاب عنهما أنهما يدينان ولا يحنث واحد منهما ، وكذلك هذان المتلاعنان ؛ لأن أحدهما على الباطل مع أن الله تفضل بأن يستر عليهما ، وقد جاء في حديث ما عز بن مالك والغامدية ، أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهما بعد تمام اللعان : " أحدكما كاذب (١) " ، وتركهما ولم يتعرض لهما ، ولم يقل لهما ذلك قبل اللعان ؛ لأن لعانهما أوجب لهما حرصه يبقيا مهملين من العقوبة.
__________________
حبيب في مسنده حديث رقم : ٨٦٨ ، وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه حديث رقم : ١٣٢٩٨ ، وابن أبي شيبة في مصنفه حديث رقم : ٢٢٦٥١ ، والنسائي في سننه حديث رقم : ٥٥٩٤ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء حديث رقم : ٤٤١٣.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٤٩٢٨ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٢٧٤٩ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٤٣٧٧ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين حديث رقم : ٢٧٤٢ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٣١٢٣ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ١٩٢٥ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ٥٤٨٠ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ٢٠٥٧ ، وسعيد بن منصور في سننه حديث رقم : ١٤٨٧ ،