من غير مانع ولا حافظ؟! فسكتوا ، وقال : صدقت ، وقال : هذا مأخوذ من قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [سورة الرعد : ٢] ، ومن قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [سورة الروم : ٢٥] ، قال : وسئل الإمام الشافعي رضي الله عنه عن الدليل على الصانع فقال : وقت الفرصاد وطعمها ولونها وطيبها وريحها تأكلها الدود فيخرج الإبريسم ، ويأكلها النحل فيخرج منها العسل ، ويأكلها الظباء فيعقد في نوافحها المسك ، ويأكلها سائر الحيوانات ، فينفصل مع المعافنات والضاد ، قلت : الفرصاد هو التوت ، فالذي دبر هذه الأحكام هو الله سبحانه وتعالى ، قال : وسأل هارون الرشيد مالكا رضي الله عنه ، فاستدل باختلاف الأصوات ، وتردد النغمات ، وتفاوت النبات ، قال تعالى (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) [سورة الروم : ٢٢] ، قال : وسئل أبو نواس عن هذا ، فقال :
تأمل في نبات الأرض وانظر |
|
إلى آثار ما صنع المليك |
عيون من لجين في رياض |
|
على أطرافها الذهب السبيك |
على قضب الزبرجد شاهدات |
|
بأن الله ليس له شريك |
قوله تعالى : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
قال الزمخشري : في هذه الآية دليل بها أنه لا يأتي بالمعجزة إلا الصادق في دعواه ، لأن المعجزة تصديق من الله تعالى لمدعي النبوة ، والحكم لا يصدق الكاذب ، ومن العجب أن مثل فرعون عليه اللعنة لا يخفى عليه هذا ويخفى على ناس من أهل القبلة جوزوا القبح على الله تعالى حتى لزمهم تصديق الكاذبين في المعجزة.
قال ابن عرفة : تقديره لو لم يجزأ العقل بحسن وبقبح لصح صدور المعجزة على يد الكاذب واللازم باطل والملزوم مثله ، وأجاب الطيبي عن ذلك بأن قال : استقرأنا المعجزات كلها فوجدناها لا تظهر إلا على يد الصادق.
قال ابن عرفة : هذا الكلام دليل على ضعفه في أصول الدين ، حيث لم يرد على الزمخشري إلا بالاستقراء ، قال : والجواب عن كلام الزمخشري بوجهين :
الأول : منع الملازمة ؛ لأن دلالة المعجزة أن تنزلت منزلة صدق عبدي وظهورها على يد الكاذب كذب ، فيلزم وقوع الحلف في خبره تعالى ، وهو باطل وإن لم يتنزل منزلة صدق عبدي بدلالتها إما عقلية أو عادية ، والدلالة العقلية في العلوم العادية.
الجواب الثاني : يمنع الملازمة ؛ لأن ظهور المعجزة على يد الكاذب يوجب التباين الشيء بالمنفي ، وذلك باطل.