قوله تعالى : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ).
قال ابن عرفة : الرمي والطرح والإلقاء بمعنى واحد فمن لغات في القرآن الإلقاء ؛ لأنه أبلغ في الدلالة على القصد ، قال : وحمل الخبر على المبتدأ يكون على سبيل الاشتقاق ، مثل الإنسان عالم ، ويكون على سبيل التنبه مثل : أبو يوسف ، أبو حنيفة ، والآية محتملة للثلاثة ، قيل لابن عرفة : ليس فيها على سبيل المواطأة ؛ لأن العصا ليست ثعبانا موجه ، فقال : تدعى المواطأة باعتبار العصاة الملقاة هي ثعبان.
قوله تعالى : (وَنَزَعَ يَدَهُ).
عبر بالنزع دون الإخراج ، إشارة إلى أنه ينزل نفسه منزلة من فارق يده لشدة مخالفة كونها الملونة.
قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ).
قال : واجب الأول إنه من حذف التقابل ، أي فإذا هي ثعبان مبين للناظرين ، ونزع يده فإذا هي بيضاء مبين للناظرين ، ومما يؤكد هذا أن المنطقيين ذكروا أنه لا بد من الفاعل ، والقائل لكرسي مثل خشية فاعل ، وتجارة فاعل ، وقوله تعالى : (فَإِذا هِيَ) ، صفة للفاعل ، وقوله تعالى : (لِلنَّاظِرِينَ) صفة للفاعل الثاني ؛ لأن الثعبان جرم كبير يدركه البصر فلذلك قرن الأول بقوله تعالى : (مُبِينٌ) ، والثاني بالنظر ، والمعجزة أمر محسوس خارجي للعادة والسحر أمر وهم محسوس ، وقوله تعالى : (لِلنَّاظِرِينَ) ، يشمل الحسي والمعنوي القلبي ، فيكون من استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معا.
قوله تعالى : (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ).
نص هذه المقالة لفرعون وحده ، وقال في الأعراف (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) [سورة الأعراف : ١٠٩] صفتها للملأ دون فرعون ، فأجاب أبو جعفر ابن الزبير : بأن المقابلة في تلك الآية وقعت بين موسى مع فرعون وقومه وهنا وقعت بين موسى عليهالسلام وفرعون فقط ، وقال : هذا يدل أنه يحكم بسحره وأسقطها في الأعراف ، فأجاب : بأن القائل هنا فرعون ، مراده ابن عرفة : يستحيل في قومه صالح في مقالته ، وهناك قالها الملأ من القوم فلذلك لم يبالغوا في قولهم.
قوله تعالى : (فَما ذا تَأْمُرُونَ).