قال الزمخشري : هو في غاية الإدلال من فرعون والانخفاض لا سيما على مذهب المعتزلة ، لأنهم يشترطون في الأمر العلوم ، وخصوصيته ترجع إلى المتكلم بالأمر ، وأهل السنة إنما شرطوا إلا سبيلا وخصوصيته ترجع إلى نفس الأمر.
قوله تعالى : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ).
وقال ابن عرفة : إنما عبر بلفظ الإرجاء دون غيره دون لفظ التأخير والنظرة ، مع أنهما مترادفان ؛ لأن في مادة الإرجاء ما يدل على حصول الطمع ؛ لأن الإنسان ما يترجى إلا ما يطمع في حصوله ، قلت : ولهذا قال الإمام الغزالي رحمهالله : إن الطائع يترجى دخول الجنة ، والعاصي يتمنى دخولها.
قوله تعالى : (قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ).
قال ابن عرفة : عوائد الطلبة يقولون : إن المعجزة هي ظهور الأمر الخارق للعادة في الخارج وفي نفس الأمر ، والسحر هو الأمر الوهمي المخالف لما في نفس الأمر ، وجاءت هذه على عكس هذه القاعدة ، لإنها إذا كانت بيضاء للناظرين فقط ، فبياضها وهمي مخالف لما في نفس الأمر ، وإن كان معجزة فهي بيضاء فقط ؛ لأن بياضها موقوف على الناظرين من هولهم ، ولما في نفس الأمر ، قلت : لعل المراد بالناظرين النظر المعنوي ، وهو التدبر فيها والتفكر في دلالتها.
قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ).
قال ابن عطية : قال [...] عن ابن كثير : تلقف بتشديد القاف وتلزمه أن ابتداء أو [...] بتشديد القاف في الوصل والوقف ، مع أنه لم يقرأ بذلك إلا في الوصل.
قوله تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ).
قال الزمخشري : فاعل ألقي هو الله تعالى فما خولهم من التوفيق وإيمانهم أو ما عاينوه من المعجزة ولك أن لا تقدر فاعلا ؛ لأن ألقى بمعنى خروا وسقطوا.
قال ابن عرفة : يريد أنهم ألقوا أنفسهم ، وهذا يناسب مذهبه في أن الغالب خلق أفعاله.
قوله تعالى : (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ).
انظر كيف المعلم كله حسن حتى السحر ؛ لأن علمهم هو الذي هداهم إلى إيمانهم بموسى عليه الصلاة والسّلام ، والعالم إن كتم من علمه شيئا يختص به مما لا يجب له ليماريه على المعلم ، وحكي عن الشيخ أبي علي ناصر ابن البخاري : أنه كان