يقرئ ابن الحاجب [.....] فيه زيادات ، فلما مات وجد عنده شرحه للشيرازي وفيه تلك الزيادات ، ولقد دخلت على شيخنا ابن الحاجب في موصيه ، فجعلت أنظر في كتبه فمنعني من استيفاء النظر فيها ، قال : لأن الشيخ يمتاز عن طلبته زيادات لآخرهم بها.
قوله تعالى : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ).
قال ابن عرفة : كان عبد السّلام ينقد على البرادعي في قوله في التهذيب ويؤمر الخمس بالوضوء قبل الغسل ، فإن أخره بعده أجزأه ، ويقال : إنما في أصل المدونة فإن غسل قبل وضوئه أجزأه فظاهره أنه الغسل وأن لم يؤمن الحديث من أي وضوء أعم من الغسل ، فبدل أبو سعيد اللفظ بلفظ لا يدل على هذا ، لأنك إذا قلت : جاء زيد قبل عمرو فإنه [٥٨ / ٢٨١] يقتضي الإخبار بمجيء زيد فقط ، أعم من أن يكون عمرو جاء بعده ولم يجىء من أصل ونظيره ، قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [سورة البقرة : ٢٣٧] إذ لا يقع بعد الطلاق مس ، وكذلك قوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) [سورة الكهف : ١٠٩] ، لكن تلك الآية في جواب الشرط ، والشرط لا يدل على وقوع الشيء ، ولا إمكان وقوعه ، وهذه الآية من ذلك المعنى ؛ لأن فرعون عليه اللعنة لم يقصد الإذن لهم بوجه لا قبل الإيمان ولا بعده.
قوله تعالى : (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).
لأن الموجب (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ، فالجواب : أنه أفاد الوعد بالنظرة مطلقا سواء اتبعهم أو لم يتبعهم ؛ لأن الوعد بالنظرة إذا كان مطلقا غير مقيد بالإتباع لا تحصل الطمأنينة لإمكان كونه في نفس الآية يقدر بعدم الاتباع ، فإذا هم ينصرون عليهم ، وإن اتبعوهم ، قيل لابن عرفة : سواء متعد ، فإذا دخلت عليه الهمزة صار متعديا بنفسه ، فلما جمع بين الهمزة والباء ، فقال : ذكر الجوهري في سرى وأسرى فاضرب بمعنى واحد ، وقال السهيلي : في أول سورة الإسراء ذكروا أنهما غير متعدين ، وهو غير صحيح ، وإنما زعموا ذلك لعدم ذكر مفعول أسرى مع أنه مقدر تقديره : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى) [سورة الإسراء : ١] ، أي بعبده ، إلى أن قال : (لَيْلاً) [سورة الإسراء : ١] ، سلمنا أنه متعد لكن الباء هنا ليست للتعدية ، فلذلك صح الجمع بينهما.
قوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ).