قوله تعالى : (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ).
[٥٨ / ٢٨٢] عبر عن الأول بالوفاء ؛ لأنه الزيادة القدر الواجب إذ هو محتاج إلى محاولة وتكلف مما يتواصل فيه إلى تحقيق الخروج من العهدة إلا بالزيادة من القدر الواجب بخلاف القسطاس ، فإنه يمكن فيه بتحقيق الخروج من العهد من غير زيادة.
قوله تعالى : (كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ).
قال الزمخشري : أي على مثل هذه الحال من الكفر به ، ومعناه في قلوبهم فلا يتغير وأعماهم عليه بوجه ، قال : فإن قلت : كيف أسند السلك بصفة التكذيب إلى نفسه ، وهو منزه عن القبائح؟ قلنا : أراد الدلالة على تمكنه في قلوبهم ، وإنه أمر حملوا عليه.
قال ابن عرفة : وعلى مذهبنا لا يحتاج إلى هذا السؤال.
قوله تعالى : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ).
من باب نفي الشيء بإيجابه ، أي حتى يروا العذاب فيؤمنوا فلا ينفعهم إيمانهم.
قوله تعالى : (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً).
قال ابن عرفة : عادتهم يقولون : إن فيها تناقضا لأنهم إذا رأو العذاب لم يكن إتيانهم بغتة ؛ لأن البغتة هو إتيان الشيء على عقله من غير شعور به ، قال : وأجيب بأنهم يرونه بعيدا منهم فيظنون أنه غير واقع بهم فينزل بهم بغتة ، أي يراد بإتيانه لهم بغتة ، بمعنى أنهم لا يرونه حتى ينزل بهم.
قوله تعالى : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ).
قال ابن عرفة : تنزل بعض من نزل ؛ لأنه يقتضي تكلف الفعل بمشقة ، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ، لكنه هنا يستلزمه من باب أحرى ، لأنه إذا نفى تنزيلهم لهم بمشقة فأحرى بغير مشقة ، لأنهم إذا لم يقدروا عليه بمشقة فأحرى بغير مشقة.
قوله تعالى : (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ).
أي وما يمكنهم فعله في أنفسهم ، (وَما يَسْتَطِيعُونَ) ، أي ولا يجدون معينا على فعله ، فالأول : يقتضي فعل قبولهم بفعله بخاصته أنفسهم ، والثاني : اقتضى تعين قبولهم بفعله بمعنى عليه.