قال الزمخشري : وسجود العاقل حقيقة وغير العاقل بمعنى التذلل والخضوع فيكون لفظ السجود للقدر المشترك بينهما وهو الخضوع والاستسلام أو يكون من باب استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معا أو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.
قوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ).
قال الزمخشري : له وجهان أحدهما : أنه قال من الضمير في (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) قلت أنا لابن عرفة : يلزم عليه المفهوم لأن الحال من شرطها الانتقال لمفهومه أنهم يستكبرون حالة عدم الخوف ، فقال : هذه حال لازمة بمعنى أنهم لا يزالون خائفين وخفي الإنصاف وأن ذلك قليل في الحال والظاهر أنه خبر بعد خبر أو جملة مفسرة لما قبلها.
قوله تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ).
قال الزمخشري : ما فائدة الوصف (اثْنَيْنِ) أجاب بما حاصله إنك تارة تريد المعدود ، وتارة تريد النعت والنعت لتحقيق المراد فأتى به هنا ليبين أن المراد العدد لا المعدود ومثاله إذا قال رجل أعد لفلان دينارين فيحتمل العدد وهو ظاهر اللفظ ويحتمل أن يريد بذلك لا بعض دراهم بل خص الذهب فإن أعطاه : دينارا وإن جاء على هذا خرجت من العهدة وعلى الوجه الأول لا يخرج من العهدة إلا إذا أعطيته دينارين ، فإذا قال لك أعطه دينارين اثنين زال الاحتمال.
قال ابن عرفة : والجواب عندي من وجه آخر وهو أن قوله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) يحتمل أن يكون نكلا وأن يكون كلية فأفاد قوله : (اثْنَيْنِ) أنه كلي لا كلية ومثاله له قولك لا فقط لفلان دينارين لأنه أن كان كلية عصا بإعطائه دينارا واحدا وأن كان كلا لم يعص حتى يعطية دينارين فإنما المراد هنا النهي عن اتحاد مجموع الاثنين ألهين لا عن اتحاد كل واحد على حدته ولا يلزم عليه الكفر فوصفه باثنين ليفيد أن المراد النهي عن الجمع بينهما في وصف الربوبية وتقديره أن السالبة الجزئية هي التي سورها ليس كل ولا شيء ولا آخر وتقرر الفرق بين ليس كل وبين لا شيء أن ليس كل يأتي بسلب الكلية وقد يراد منها سلب الكل يفيد الجمعية فيقول ليس كل الناس أكرمت بعضهم وكذلك قوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) إنما نهى عنهما يفيد الجمعية لا أن ذلك اقتضى النهي عن اتخاذ إله واحد فلذلك قال : (اثْنَيْنِ) لما تقرر من أن ليس كل محتمل لا أن يراد به سلب الكل وسلب الكلية وهو الأكثر فيه فبين الوصف باثنين أن المراد هنا النهي عن الكل لا عن الكلية.
قوله تعالى : (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ).