يقيمون بالحركة والموجود الذي ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز غير متحرك. وفي الآية سؤالان : الأول : قال قبله سجدا لله فهو مجرور فمن العامل فيه ، وقال هنا ولله يسجد مقدمة ، وأجيب بوجهين الأول : لابن عرفة : قالوا إن الضمير في سجدا لله عائد على الظلال وهي لا تعقل بمعنى يتوهم أنها تقصد السجود والتذلل لغير الله تعالى فهر هناك على الأصل وإما قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ) فهو عام يتناول العاقل وغيره والمقصود بالذات إنما هو العاقل ويمكن في حقه أن يقصد بالسجود غير الله لأنه ذو تمييز ومقيد فأحتج هنا في تقديم المجرور على عامله تفيد الحصر وإنما السجود هو لله لا لغيره ، الوجه الثاني : قلت إنا أن العامل في المجرور في لله الفعل والعامل في قوله سجدا لله الاسم وعمله ضعف من عمل الفعل فأخر معموله عليه لضعف عمله فيه بالنسبة إلى الفعل وقدم معمول الفعل عليه هنا وإن كان الأمران جائزين ، السؤال الثاني : قال هناك : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) فإن تلك الجملة استفهاما على معنى التقرير وأتى بهذه هنا خبرا وكلاهما أتت على معنى التخويف والزجر هلا قال هناك وكل ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله فيأتي تلك خبرية ، قال والجواب : إن الظلال أمر محسوس مشاهد فناسب التقرير عليهم والتوبيخ أو لا توبخ الإنسان إلا بما هو عالم به موافق عليه ، فيقال له : ألم يكرمك ألم يحسن إليك وإما سجود ما في السماوات به وكذلك الملائكة فأمر مغيب عنهم لا يعلم إلا من حقه الخبر بخلاف تفيؤ الظلال وليس الخبر كالعيان.
قوله تعالى : (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ).
قال ابن عرفة : يحتمل أن يكون من دابة بيانا ويحتمل أن يكون بيانا لما في الأرض ويراد بما في السماوات الخلق الذي يقال له : الروح ، قلت لابن عرفة : هل هو جزيل ، فقال : لا على خلق آخر يسمى بالروح ذكره الطبري وغيره وورد في الحديث وذكره المفسرون في قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) [سورة القدر : ٤] ابن عرفة : وانظر هل فيه دليل لمن يقول إن الملائكة ليسوا متحيزين ولا قائمين بالمتحيز وهو قول شاذ والظاهر أنه لا ، لأنهم دليل فيه لأنه إنما كررهم بالعطف تشريفا لهم ، وانظر هل هم من الدواب أو لا ذوو أجنحة يطيرون والطائر ليس من الدواب بقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) [سورة الأنعام : ٣٨] ابن عرفة : والظاهر أنهم من الدواب ولذلك الطائر لقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) [سورة النور : ٤٥] ثم قال : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) [سورة النور : ٤٥] قالوا : يدخل فيه ابن آدم والطائر.