قال الزمخشري : لم قال في قد أفلح : (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) [سورة المؤمنون : ٨٣] ، وقال هنا : (هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ) ، ثم أجاب بأن التقديم دليل على أن المقدم هو الفرض المقصود ، فهنا دل على إيجاد البعث هو المقصود في الآخر المقصود إيجاد المبعوث.
قال ابن عرفة : فإن قيل : لم خصصت تلك بتقديم نحن ، وهذه بتقديم هذا؟ قال : فعادتهم يجيبون : بأن تلك ذكر أحوال الكفار ؛ لأن قبلها : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [سورة المؤمنون : ٧٥] ، ثم قال (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) [سورة المؤمنون : ٧٧] ، وهذه تقدم فيها أوصاف البعث ، لقوله تعالى : (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [سورة النمل : ٦٤] ، (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) [سورة النمل : ٦١] ، (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [سورة النمل : ٦٣].
قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ).
إن أريد به العموم فالأكثر على أنه والكافر على هذا منعم عليه باعتبار ما له في الدنيا ، وإن أريد بالناس الكفار والأكثر المراد به الجميع.
قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ).
إن قلت : هلا قال : ما تعلن ألسنتهم وما يسترون ، فيكون تأسيسا ؛ لأن العلم بالسر يستلزم العلم بالجهر بخلاف العكس ، قال : والجواب : أنه قصد التنبيه على كمال إحاطة علم الله تعالى ، وإن السماوات إن تعددت فعلمه بما فيها كلها كعلمه بما في السماء الواحدة ولا فرق بينهما.
قوله تعالى : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ).
إما حقيقة فهي مكتوبة في اللوح المحفوظ ، وهو عبارة عن كمال إحاطة علمه بذلك.
قوله تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
لأنهم يختلفون في أمر جلي ، أو أمر خفي ، فهو يقص عليهم الأمر الخفي.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).