قوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
وإن كان من تمام المعلوم لأم موسى عليهالسلام ، فيكون الأكثر بمعنى الجمع ؛ لأن جميع بني إسرائيل كانوا حينئذ كفارا ، أو إن كان من كلام الله تعالى خطابا للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فالأكثر على بابه ؛ لأن من القبط من آمن به.
قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً).
إن قلت : ما الحكمة في تخصيص هذه الآية ، بزيادة لفظة استوى دون آية سورة يوسف عليهالسلام ، فالجواب بوجهين :
الأول : قال صاحب البرهان : ؛ لأن يوسف عليهالسلام باعه إخوته وهو صغير عمره خمسة عشر عاما أو عشرين عاما ، ولم يمكث عند زليخا إلا أعوام يسيرة ، ثم جرت قضيته معها ، وقالت له : (هَيْتَ لَكَ) [سورة يوسف : ٢٣] ، فغاية الأمر أن يكون في أول سن البلوغ الأشد ، وهو إما عشرون ، أو خمسة وعشرون ، أو ثلاثون ، فلذلك لم يقل فيها : (وَاسْتَوى) وزادها في آية موسى عليهالسلام.
الثاني : قال ابن عرفة : وظهر لي أن الجواب بأن يوسف عليهالسلام هم بالفعل ، ولم يفعل موسى عليهالسلام فعل ؛ لأنه وكز القبطي وقتله فناسب وصفه بأبلغ درجات القوة ، فلذلك قال فيها : (وَاسْتَوى).
قوله تعالى : (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً).
ابن عرفة : يحتمل أن يريد بالحكم النظر الموصل للعلم ، أي آتيناه طريق العلم ، والعلم يحتمل أن يريد بذلك العلمية والعملية.
قوله تعالى : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ).
تواضع منه ؛ لأن المقول جزئي مباح الدم يعدها هو خطيئة ، وليست بخطيئة ، وهذه الوكزه هي قال فيها الإمام مالك رحمهالله : شبه العمد باطل ، وليس بخطأ ، وإنما هي عمد ، قال ابن عطية : أن يعقد يده ثلاثة وسبعين من حساب اللفظ ، ثم يضرب بها.
قوله تعالى : (بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ).
الباء للسبب أو للقسم ، وقوله تعالى : (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً) ، أي فلن أكون معينا للمجرمين ، قال ابن عطية : احتج العلماء بها على منع خدمة الظلمة ومعونتهم ، قلت :