قال شيخنا أبو الحسن المطريني : سئل سيدي أبو الحسن المنتصر عن خياطة الثياب ، قال : النظر في صانع الإبرة ، وأما الخياط ففي قعر جهنم.
قال ابن عرفة : يريد إن كان خائطهم كما قال ابن رشد فيمن يخيط للكافر.
قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ).
قال ابن عرفة : تقدم المجرور للاهتمام إشارة إلى أن له أثرا في الخوف ، والألف واللام للعهد ، وعبر في هذا الفعل ؛ لأن المترقب متوقع وليس ثابت فيناسب الفعل المقتضي المتجدد.
قوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى).
وقال تعالى في سورة يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) [سورة يس : ٢٠].
قال ابن عرفة : فكان شيخنا أبو عبد الله محمد بن سلمة ، يقول من عنده : إنما قدم الرجل هنا تحوطا على قلب النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم من أن يناله روع أو حزن على موسى عليهالسلام ؛ لأنه لو قيل (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) [سورة يس : ٢٠] ، لأمكن أن يتوهم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، أنه جاءه جماعة كثيرون يريهم الاستخفاف منه لأجل قتله القبطي ، فما يصل إلى ذكر الفاعل إلا بعد حصول الروع منه والفزع في القلب ، فبدأ بذكر الرجل احترازا من هذا ، كما قال تعالى (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [سورة التوبة : ٤٣] ، وأما سورة يس فأتت بعد ذكر الرسول فلا يؤثر فيها هذا التوهم فرعا إذا جاء الجماعة يجيبون بالحضّ على إتباع الرسول ، قيل لابن عرفة : هذا لا حاجة به ، بل يقال : هذه الآية وردت على الأصل ، وما السؤال إلا في سورة يس.
قال ابن عرفة : روى بعض الشيوخ المعمرين أن الأمير أبا عبد الله محمد ، المدعو بأبي عصيرة ، كان خليفة بتونس ، وكان الأمير أبو يحيى زكريا والد الأمير ابن أبي بكر خليفة بجاية ، وكان كثير الأسفار ، وطويل الغيبات في سفره ، وكان الأخوان : عمران ، وموسى ابن أسرعين أحدهما : بتونس ، والآخر : ببجاية ، فبعث أبو عصيرة حسينا أميرا عليهم ابن أسرعين ببجاية في غيبة الأمير أبي يحيى زكريا ، فدخل إلى أخيه موسى بكتاب من عند الملك ، فأمره فيه أن يخلع بيعة سلطانه ويبايع لابن عصيرة ، فامتنع ، وقال : والله لا أخونه فيما أمنني عليه ، فلما قدم الأمير زكريا أخذ عليه في فتحه الباب لأخيه ، وكونه أدخله ، ثم بعد ذلك يؤثر في قتله ، فكتب بعض الحاضرين إليه براءة