صغيرة بهذا النص : (يا مُوسى إِنَ) [سورة القصص : ٢٠] ولم يكمل الآية ، ففطن بها موسى [...] وهرب من جنبه.
قال ابن عرفة : وذكر الغزالي في مثل هذا ، إن لم يكن فيه تعرض للتنقيض والاستهزاء فيما لا يحل فهو جائز ، وقد حكى فيه عياض في المدارك عن ابن العطار أنه يعلم بآيات في مثل هذا ، قلت : نقل عياض عن أبي عبد الله محمد بن أحمد العطار : أنه أفتى في فصلة من السهو بالسجود ، فقيل له : إن أصبغ بن فرج لم ير عليه سجودا ، فقال (كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) [سورة العلق : ١٩] ، قال : وبلغه أن ابن [...] لم يشهد عليه حين دعا الناس للشهادة بحرصه ، فقال : (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) [سورة الإسراء : ٨٤].
قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ).
قال ابن عرفة : الظاهر المراد به أقصر الأجلين ؛ لأن الألف واللام إن كانت للعهد فالمعهود القريب ، وهو أقصاهما ، لأنهما كالضمير العائد على أقرب مذكور ، وإن كان للجنس فهو إما بمعنى الكل أو أكثرهما هو المجموع وهو الأقصى ، وإن أريد الكلية تناولت اقتضائهما ؛ لأنه كل فرد من أفراد الأجل.
قوله تعالى : (وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ).
وفي الآية الأخرى (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) [سورة النمل : ١٠] مع أنه خاف ، فأجاب : بأن هذا الخوف أمر جبلي ، فالمراد كن آمنا مما تخافه ولا تلتفت إلى ما يقع في نفسك من الجزع والهلع بوجه ، قال : وفيها سؤالان :
الأول : كيف أكد الخوف بأن والمخاطب عالم بخفيات الأمور وغير منكر لذلك القول؟
الثاني : كيف خاف مع وعد الله ، لقوله تعالى : (وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ؟)
ثم أجاب عن الأول : بأنه أكده مراعاة لما رتب عليه ، من قوله تعالى : (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) [سورة القصص : ٣٣].
الثاني : أن المراد أن (لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) ، فما يوحي إليك به فلا يكن في نفسك منه هلع وخوف ، وأما ما لا يرجع إلى الوحي ، فلا يدخل في هذا.
قوله تعالى : (إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ).