وقوله تعالى : (يَأْتِ بِهَا اللهُ) ، إشارة إلى تعلق القدرة في الزمن الثاني عن إيجاده ، فهو إشارة إلى نفي ما يتوهم من عروض النسيان له بعد إيجاده والذهول عنه ، فلا يتعلق به العلم القديم حينئذ ، فقوله تعالى : (يَأْتِ بِهَا اللهُ) ، أي بعلمها الله ، قال : وخفاء الشيء يكون إما لبعد مسافة ، وإما لحاجب بينه وبين الناظر إليه ، وإما لاختلاطه بغيره ، فقوله (فِي صَخْرَةٍ) ، راجع لوجود الحاجب ، وقوله (أَوْ فِي السَّماواتِ) ، راجع لبعد جهته ، وقوله (أَوْ فِي الْأَرْضِ) ، راجع لإخلاطه بغيره ، أو راجع لموجود في ظلمة.
قوله تعالى : (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ).
ابن عرفة : إن قلت : لم كرر النداء؟ قلت : عادتهم يجيبون : بأن الوصية إن كانت في موطنين فتكريره مناسب ، وإن كان في موطن واحد فكرره لوجهين :
إما تأكيد بعده القريحة واستحضارها لسماع هذه الوصية الثانية للولد ، فإنه في الأولى أوصاه بأمر علمي اعتقادي ، وفي الثانية أوصاه بأمر عملي ، أمره بإقامة الصلاة دون غيرها من العبادات لتكررها في اليوم والليلة.
قوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
اعتزل ابن عطية هنا فقال : هذا إنما يريد به أن يمتثل هو في نفسه ويزدجر عن المنكر.
قال ابن عرفة : هذا اعتزال ، ولذلك كان شيخنا ابن عبد السّلام يحرر من المطالب من نظر ابن عطية ، فإنه سيىء لكنه ينقل كثيرا عن الرماني ، وهو معتزل فيغفل أحيانا عن كلامه ، فيعتزل من حيث لا يشعر ، ومذهب أهل السنة يجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وإن كان متصفا ، لقوله تعالى : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) [سورة المائدة : ٧٩] ، قيل لابن عرفة : لعل ابن عطية لم يرد بذلك الوجوب بل الاستحباب ؛ لأنه أدعى إلى القبول ، قال [٥٩ / ٢٨٩] الأخطل :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
قوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، قال البيضاوي : هو جزم تردد الإرادة ، وقيل : توطين النفس على الفعل.
قوله تعالى : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ).