قيل : الضمير على الكلم الطيب ، أي ليرفعه الكلم الطيب.
فإن قلنا : المراد بالكلم الطيب الشهادتان فقط فظاهر.
وإن قلنا : المراد به التسبيح ونحوه فلا يتأتى إلا على مذهب المعتزلة القائلين : أن مجرد كلمة الإسلام لا تنفع العاصي.
قوله تعالى : (يَسْتَوِي الْبَحْرانِ).
حمله ابن عطية على الحقيقة ، والزمخشري على المجاز.
فإن قلت : لم لم يذكر في الثاني عند الوصف المذكور في الأول ، فتقول : ملح الأجاج صعب تناوله ، فالجواب : من وجهين :
الأول : يستلزم الملح الأجاج لوصف كونه صعب التناول الجلي وأظهر من استلزام العذب الفرات ، لكونه سائغا شرابه ، فلذلك اكتفى به ، في الثاني : دون الأول ، لأنه قد يكون عذبا شرابه ، ولا يسوغ شرابه لما فيه من الغثاثة ، وتقرر أن اللازم بوسط نظري وبغير وسط ضروري ، وباستلزام الشيء للشيء تارة يكون نظريا وتارة يكون ضروريا ، ومنه الخلاف في لازم المذهب ، هل هو مذهب أم لا؟ والخلاف في تكفير المعتزلة بلازم مذهبهم.
الجواب الثاني : أن الأول أمر ملائم ، والثاني أمر مؤلم والأمور المؤلمة تكفي في التعبير بأول أوصافها ، بخلاف الأمور الملائمة ، فإن حصول الإقبال عليها حالة المبالغة في أوصافها ، أقوى من حصوله مع عدم المبالغة.
قوله تعالى : (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً).
إن قلت : لم ذكر في الثاني الحلية تفرد له بسببها ، وهو الإخراج ، وذكر في الأول الأكل دون سببه وهو الاصطياد ، مع أن الحوت لا يتوصل إلى أكله إلا بعد تكلف وموته في اصطياده ، لا سيما على المذهب الشافعي القائل : بأن طافي الحوت لا تجوز أكله ، فالجواب : أن السبب في استخراج الحلية من البحر أشق على النفوس من سبب الاصطياد ، لأن الاصطياد يتأتى من الأطفال والنساء وغيرهم ، وأما استخراج الجوهر واللآلئ من البحر فلا يعلقه إلا غواص الجواهر من الناس في بعض الأقطار.
حتى قال [٦٢ : ٣٠٤] المسعودي في مروج الذهب : إنهم يجعلون على وجوههم أغشية من كروش ويغلف سائر بدنه وتثقل رجليه بحجر وتهبط إلى قعر البحر ، فيمكث الأيام يرصده ، وأما فيه عوائدها تمكث جالسة على محل الجوهر