قوله تعالى : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا).
وفي آية أخرى (لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [سورة الأعراف : ١٧] ، فتلك أعم من هذه ، إلا أن يجاب بأن هذه كقولهم : ضربت الظهر والبطن ، ومطرنا السهل والجبل ، أو شبه هذا على ما هو المقصود ، لأن الأمام والخلف هو محل المقابلة ، والحركة بخلاف اليمين والشمال.
قوله تعالى : (إِنَّما تُنْذِرُ).
أي الإنذار النافع.
فإن قلت : لم قدم السبب على سببه ، لأن الخشية والخوف سبب في الطاعة والإتباع؟ فالجواب : أنه إشارة إلى تأكد الأمر بالخوف ، وأن المكلف إذا أطاع واتبع لا يكتفي بطاعته ويركن إليها ، بل لا يزال خائفا خاشعا ، وإن كان طائعا.
قوله تعالى : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ).
فيه دليل على القول باعتبار الكثرة ، وقد اختلفوا في عدد التواتر والمشهور ، أنه غير محدود ولا محصور ، قيل : حد بلوغ العلم ، وقيل : أربعة ، وقيل : أكثر من ذلك ، فهذا دليل اعتبار الكثرة في العدد ، قيل : ليس المراد هنا تعدد الأشخاص ، بل تعدد الأدلة والبراهين ، أجيب : بأن الأدلة تعددت فرجعتها إلى شيء واحد.
قوله تعالى : (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا).
مذهب هؤلاء كمن يذكر عن البراهمة في نفيهم الرسالة ، وعدلوا في نفيها عن التصريح إلى الكناية إلى نفي أبلغ ، زعما منهم أن البشر لا يكون رسولا البتة ، وإلا فالبشرية في اعتقادهم إنما سواد في الرسالة من الله لا من رسول الله.
قوله تعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ).
وفي القصص (جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) [سورة القصص : ٢٠] ، وأجيب : بأن تلك على الأصل ، وهذه تفيد أن مجيئه من أطرافها وأعاليها ، إشارة إلى استغراب ذلك ، وأنه المقصود لا كونه رجلا.
وأجاب بعضهم : بأن تقديم رجل في تلك لئلا يظن النبي صلىاللهعليهوسلم ، لسماعه أول الخطاب ، أن الذي جاء هو فرعون أو غيره من أعداء موسى عليه الصلاة السّلام فيعتبر لذلك بخلاف ، لتقدم ذكر المرسلين فيها.
قال شيخنا : هذا كان مع شيخنا أبي عبد الله بن محمد بن سلامة.