وذكر أبو حيان عن الفراء : أنه أعمل يروا في الجملتين دون إبدال ، قال : وقوله في الجملتين فجوز كان أنهم وما بعدها بما ليس جملة انتهى ، ولم يبين كيفية العمل ، ونقول : إنها جملة في تقدير المفرد ، وأما كيفية العمل فبأن يكون كم مفعولا أولا ليروا ، إذ أهلكنا صفة حذف منها العائد كما تقدم ، وأنهم مفعول ثاني ، والأذية على هذا عليه أو يكون يروا مطلقا عن العمل هو كم في موضع المفعول الأول ، وأنهم في موضع المفعول الثاني ، وهذا إن لم يكن فيه نص ، والعباس يقتضيه الزمخشري ، وفي قراءة ابن عرفة (١) ا لم يروا من أهلكنا قال : وهذا مما يرد قول أهل الرجعة.
قال الطيبي : هم القائلون بالتقبيح انتهى.
قال شيخنا : خرج البخاري في أول كتابه عن المنفي وانتقدوا عليه التخريج عنه ؛ لأنه فيمن يقول بالرجعة ، واختلفوا حينئذ ما معنى القول بالرجعة ، قال : ولغيرهم عندي التصالح وإما هو كقول بعض الخوارج أن عليا رضي الله عنه لم يمت ، بل رفع إلى السماء ، وهو في السحاب لم يزل حيا.
وقد ذكره ابن السيد في أسئلته في المسألة الثامنة والستين في قول علي رضي الله عنه حين قتل عثمان : ألا فإن الله قتله وأنا معه فذكر ابن السيد أن للناس فيه تأويلات ، فقيل : معناه سيقتلني ثقة ، وقيل : معناه وأنا [.....] ، وقال : وتأوله الجذورية بما قدره الله علينا ، وذكر بعضهم ، واعترض تفسير سيقتلني ثقة ، وأنكره ذلك في علي رضي الله عنه ، انتهى ، وانتفى الناسخ عند قائليه هو أن الإنسان يموت وترجع روحه في ذات أخرى ، فإذا ماتت تلك الذات أجلت أيضا لذات أخرى ، لكن لفظ الإهلاك هنا ما يقتضي أن استدل به الزمخشري إلا بقول بالتناسخ لا للقول الذي ذكرناه.
وانظر استدلال الزمخشري بقول ابن عباس : بئس القوم نحن إن أنكحنا نساءه ، واقتسمنا ميراثه ، فهذا لما يقضي إلا على أنه حي.
وقال الفخر : ويحتمل أن يكون الضمير في أنهم يعود على الأحياء ، وفي الخبر يعود على القرون الماضية ، انتهى ، هو يرد بأنهم منسوبون إلى الأموات.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ).
هذا كالاحتراس ؛ لأنه لما نفى عنهم الرجوع ، قد يتوهم عدم حشرهم .... (٢).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.
(٢) طمس في المخطوطة.