الإضافة في بدل الاشتمال فيه نظر ، هل هو نظر وفي جميع بدل الاشتمال ، أو إنما هو اتصافي.
قال شيخنا أبو العباس ابن القصار : ولا أعلم أحد اشترط ذلك من النحويين.
قال ابن هشام : كم على وجهين : خبرية بمعنى كثير ، واستفهامية بمعنى أي عدده ، ويشتركان في خمسة أمور : الاسمية ، والإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم التصدير ، وأما قول بعضهم في (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) ، أبدلت أن وصلتها من كم فمردود بأن عامل البدل هو عامل المبدل منه ، كان قدر عامل المبدل منه يروا ، فكم لها الصدر ولا يعمل فيها ما قبلها ، وإن قدر أهلكنا فلا تسلط له في المعنى على المبدل ، والجواب : أن كم مفعول لأهلكنا ، والجملة إما معمولة ليروا على الله علق عن العمل في اللفظ ، وأن وصلتها مفعول لأجله ، وإما معترضة بين يروا وما سد مسد مفعوليه ، وهو أن وصلتها انتهى ، وهو أيضا قصوره.
وحمل ابن عطية أنهم بدلا من كم ، وهي خبرية ، والرؤية بصرية.
ورده أبو حيان بأن كم مفعول لأهلكنا ، ولا يصح غيره ، والبدل على نية تكرار القائل ولو سلط أهلكنا على أنهم لم يصح كلامه.
فإن قلت : يتخرج قول ابن عطية على أن كم معمولة ليروا ، وليس لها صدر الكلام وهي لغة قليلة ، حكاها الأخفش ، فيكون أهلكنا صفة لكم ، وحذف العائد جائز في الصفة كما هو جائز في الصلة ، وإن كان في الصلة أكثر.
قلت : قال ابن هشام المصري : قول ابن عصفور : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) [سورة السجدة : ٣٠] أن (كَمْ) فاعل مردود بأن بها القول ، وقوله : إن ذلك جاء على لغة رديئة حكاها الأخفش عن بعضهم أنه يقول : ملكت كم عبيد تخريج للآية على الضرورة ، وهو خطأ عظيم تخريج كلام الله تعالى على هذه ، وإنما الفاعل على ضمير الله سبحانه ، أو ضمير العلم أو الهدى المدلول عليه بالفعل ، أو حمله (كَمْ أَهْلَكْنا) ، على القول بأن الفاعل يكون جملة إما مطلقا ، أو شرط كونها مقترنة بما يعلق عن العمل من أفعال القلوب ، نحو : أقام زيد ، وجود أبو البقاء كونه ضميرا لأهلكنا ، المفهوم من الجملة وليس هذا من المواضع التي يعود فيها الضمير على متأخر انتهى ، [٦٣ / ٣٠٨].