وأورد الزمخشري : سؤالا على قراءة الفتح ، وهو لزوم الكفر لاقتضائه أنه عليه الصلاة والسّلام حزن لأجل علم الله تعالى بسرهم وعلانيتهم ، وأجاب : بأن إنا بدل من قولهم ، أو تعليل للأول ، فيكون تعليلا لنفي الحزن لا نفي حزن معلل ، قيل : أو يجاب : بأنه تعليل باعتبار لازمه ؛ لأن لازم علم الله تعالى سرهم وعلانيتهم ، مدخلا في الحزن أم لا ؛ فإن لم يكن له مدخل فيه فباطل ، لأنه يلزم عليه اعتبار لازم اللفظ دون ملزومه ، ولا قائل إذ لا يصح استعمال اللفظ دون ملزومه بوجه ، وإن كان له مدخل لزم أنه يحزن بعلم الله تعالى وهو كفر.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ).
المراد إما الجنس ، أو أجل معين ، ونرجحه.
قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً).
والخلق إن أريد به الكامل حسا ومعنى وذاتا وصفا ؛ فالمفاجآت حقيقة ، وإن أريد به لمجرد تكوينه من النطفة لمجاز ؛ لأنه لا يصير خصما إلا بعد ذلك بزمان طويل ، وإذا الفجائية معناها الحال لا الاستقبال ، وهي عند الزجاج ظرف زمان.
واختاره الزمخشري ، وزعم أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة ، قال في قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [سورة الروم : ٢٥] ، أي فاجأتم الخروج في ذلك الوقت ولا يعرف هذا لغيره ؛ وإنما ناصبا عندهم الخبر الملفوظ به ، أو المقدر في نحو : فإذا الأسد أي حاضر ، وإن قدرت أنها الخبر فعاملها مستقر ، أو استقر ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحا به ، وهي عند الأخفش يعرف ، واختاره ابن مالك ، وعند المبرد ظرف مكان.
واختاره ابن عصفور ، وفي الآية سؤال ، وهو أن سبب نزولها أن بعض الكفار أنكر الإعادة ورفع عظما رميما في يده ، وقال : محال أن يرجع هذا كما كان ، فما أنكر واستبعد ، إلا إيجاد المعدوم ، فهلا قيل (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ) ، بعد أن لم يكن ، كما قال تعالى في سورة مريم (وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) [سورة مريم : ٦٧] ، [٦٤ / ٣١٢] وجوابه : أنه قصد الاستدلال على الإيجاد عن عدم سابق مع التعرض لتحقير المعاند في ذلك ، وأن أصله نطفة فأنتجت الآية صحة إمكان الإعادة ؛ وهذا دليل على أنهم أنكروا مكانها وصحتها لا وقوعها بالفعل ، وهو كفر هذا لأنهم من الله تعالى صفة القدرة على ذلك.
قوله تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها).