قال أبو الإصبغ : المذهب الكلامي الاحتجاج على المقصود بحجة عقلية ؛ لأنه من علم الكلام ، وهو إثبات أصول الدين بالبراهين ونسبت تسميته إلى الجاحظ.
وزعم ابن المعز أنه لا يؤخذ في القرآن ، وهو محشو به ، ومنه قوله تعالى : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) [سورة الأنعام : ٨٠] ، إلى قوله تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) [سورة الأنعام : ٨٣].
وقوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ).
وقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [سورة الأنبياء : ١٢] ، وقوله تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) ، وتقدير القياس من المشكل الأول أن يقال : الحادث منتقل من حالة إلى ضدها ، وكل منتقل من حالة إلى ضدها يمكن إيجاده بعد إعدامه ، فالحادث يمكن إعادته الصغرى ضرورية ، وبيان الكبرى أن أصل وجود الحادث من عدم وبأمر جزئي ، وهو خروج نار الزناد من الشجر الأخضر الرطب ، وليس هذا مقياس تمثيلي ؛ لأنه لا ينتج إلا الظن ، وهذا قطعي ولعدم شروطه هنا.
قوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي).
هو انتقال بين الدليل بما يتعلق بنفس المخاطب إلى دليل خارج عنه ، وانتقال من دليل جلي إلى أجلى منه ؛ وهو الأرتب في الاستدلال ، وتقرير المعطوف عليه اتصف بالعجز وليس الذي ، وقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ)(١) ، فخاطبهم على سبيل التكلم ، وهنا على سبيل الغيبة ، ولم يقل : أو لسنا ، وجوابه : أن الخطاب لخزي معين ، وهم كفار قريش والتكلم مناسب للخزي ، والخطاب هنا لجميع الناس فناسب الغيبة.
فإن قلت : هلا قيل : قادر على أن يعيدهم لأنهم إنما أنكروا إيجاده المعدوم لإيجاد مثله ، فالجواب : أنه تقرر في علم أصول الدين أن المثل مساو لمماثلة في الحكم ؛ فإذا استويا في الحكم فالقادر على المثل قادر على تماثله.
قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ).
__________________
(١) وردت في المخطوطة : ولا أولم يروا إنا خلقناهم ووردت في المصحف : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ وقد أثبتنا ما في المصحف.