الإرادة ، وإما أن يجاب بأن الإهلاك نزل أولا ببعضهم ، وهم رؤساءهم ؛ فنادى الأتباع (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) ، مستغيثين ؛ أي لا مخلص لهم ؛ فلم ينفعهم ذلك ، والمناص المخلص والمنجا والفرار.
قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ).
الضمير عائد على قوله تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، لأن المتعجبين ليس هم السابقة ؛ بل المعاصرون للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى : فقال (الْكافِرُونَ).
أتى بالفاعل ظاهرا غير مضمر ؛ والأصل أن يقول : فقالوا لأن خبر المبتدأ تارة يكون عاما صالحا لكل واحدة ، وتارة يكون خاصا لا يصح إلا لذلك المبتدأ.
قوله تعالى : (وَعَجِبُوا).
العجب يصلح أن يقع من كل أحد [٦٤ / ٣١٤] فأتى بفاعله مضمرا ، وقوله تعالى : (هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) ، كلام حلف لا يصح أن ينسب لإلههم ، وقولهم : (كَذَّابٌ) ؛ إما أن يريدوا أنه كاذب في سحره ، أو أنه عالم بالسحر كذاب في أموره على العموم ، قيل له : لعل عندهم ساحر في شيء كذاب في شيء ، كما قال تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) [سورة البقرة : ١٠٢] ، وعطف العجب هنا ، وفي ق بالفاء ؛ لأن التعجب بالقول سبب على التعجب بالفعل ، كقوله تعالى : (فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) [سورة ق : ٢] ، بخلاف السحر والكذب ؛ فإنه غير مسبب عن التعجب بالفعل.
قوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ).
هم الأشراف ، الأصوب تعلق منهم بالملأ لا بانطلق يشعر بأنهم أشراف فقط ، وتعلقه بإطلاق يشعر بأنهم أشرافهم ؛ وإن كان في غيرهم من هو أشرف منهم.
قلت : جعله عكس ما قاله البصريون في إضافة الصفة المشبهة ؛ أنه في معنى الحسن الوجه.
وقال الكوفيون : إنه في معنى الحسن وجهه.
قوله تعالى : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ).