السالكون : المراد نجازي كل نفس بسبب كسبها الذي كسبت ، فيرجع نسخه الجزاء وهو الثواب والعقاب ، والجزاء يطلق على الإثم وهو المجزى به ، وعلى المصدر ؛ وهو المجازات وهي المحاسبة.
قوله تعالى : (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ).
مع أن الظلم منفي عن الله تعالى في الدنيا والآخرة ، لكن التقييد بالظرف راجع إلى الناس فيما بينهم ، أي لا يظلم بعضهم بعضا يوم القيامة بخلاف الدنيا.
قوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ).
يحتمل أن يكون الظرف والعامل فيها ما في (الْآزِفَةِ) ، أي يوم الواقعة القريبة إذ الحناجر ، ويكون عبر بإذ عن المستقبل بالتحقيق ، كقوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [سورة النحل : ١].
فإن قلت : المضاف إليه لا يعمل ، قلنا : قد عملت الجوامد ، كقوله : أنا ابن جارية إذ حد النظر ؛ وأحرى المضاف إليه ، وجعله أبو حيان بدلا من قوله (يَوْمَ الْآزِفَةِ) وأعرب (يَوْمَ الْآزِفَةِ) مفعولا ؛ فأخرجها عن الظرفية ، وجعله من عمل الفعل في المفعول به لا في الظرف.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ).
يحتمل أن يريد بالقضاء الحكم فقط ، ويحتمل الحكم والفعل ، [٦٦ / ٣٢١] فيكون فيه شبهة للمعتزلة في أنه لا يفعل القبائح ؛ يحتمل أن يريد بالحق الأمر المستلزم للثواب ، فحينئذ ترك هذه الشبهة ، ويحتمل أن يريد به نفس الحق الذي هو ضد الباطل ، وهذا إما في الدنيا والآخرة فهو الصواب ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) ، أو هو في الدنيا فقط.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا).
يحتمل السير الحسي بالنظر في آثار الأمم السالفة وفي مساكنهم ، وحمل السير المعنوي بالنظر في كتب التاريخ ، ويؤخذ منه أن التواتر يفيد العلم ، وأن العلم الحاصل عن التواتر نظري لا ضروري ؛ وفيه خلاف ، قيل : إنه نظري ، وقيل : إنه ضروري ، وهذه الآية تدل على أنه نظر ، كقوله (فَيَنْظُرُوا) ، لكن هذا إن أريد به النظر بالكفر ، إما أن أريد به النظر بالبصر والسير الحسي ؛ فلا يؤخذ منه ذلك.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ).