من باب عطف الصفات لا الموصوفات ، لئلا يلزم عليه تعدد الآلهة.
فإن قلت : [٦٦ / ٣٢١] هلا قال : ربنا ، فيغلب ضمير المتكلم ، لأنه الأصل؟
فالجواب : إنه قال (وَرَبِّكُمْ) ، ليدخل فيه فرعون وقومه ، ولو قال : وربنا ، ما دخل فيه فرعون.
قوله تعالى : (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ).
ابن عرفة : اتبعوني بالإيمان ، كقولك : قال الصالح : اتبعوني في الصلاح.
وقال الفقيه : اتبعوني في الفقه.
قوله تعالى : (إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ).
أي تمتع زائد ، والتمتع أمر عرضي ، والعرض لا يبقى زمنين ، والقرار وهو دائم لأن مذهبنا : أن الأجسام فانية ؛ ولا بد لها من مستقر ، والمتاع راجع إلى نفي المانع ، والقرار راجع إلى وجود المقتضي ؛ لأن التمتع مانع من الزهد في الدنيا والتقشف ، وكون الآخرة دار مستقر تقتضي وجود الحرص على أسباب الموصل إليها.
قوله تعالى : (بِغَيْرِ حِسابٍ).
أي رزقا كثيرا دائما غير منقطع ؛ لا يحاسبون على كثيره بشيء.
قوله تعالى : (فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ).
ابن عرفة : كان بعضهم يقول في مثل هذا ، وفي قوله تعالى : (ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [سورة يسن : ٥٢] ، إنما المخبر بالشيء قبل وقوعه ؛ تارة يخبر به لموجب ودليل عام عنده ، وتارة يكون خبره لغير موجب ، فإن أخبر به لموجب ثم وقع نحو ما أخبر به كان خبره صدقا ، وإلا كان اتفاقيا ولم يكن صدقا ، وكان يستشهد على ذلك بقول مالك رحمهالله فيمن حلف بالطلاق ؛ لتمطرن السماء غدا فأمطرت ؛ فإنه تطلق عليه زوجته ؛ لأن ذلك أمر اتفاقي لا دليل عليه ، فمعنى الآية سيظهر لكم صدقي وتندمون على اتباعي فيه ؛ وتعلمون أني إنما قلته لكم لدليل ظهر لي وخفي عنكم.
قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها ،).
نقل ابن عطية ، عن الأوزاعي ، أنه قال له رجل : رأيت طيورا بيضاء تغدوا من البحر ثم ترجع سودا مثلها ، فقال له الأوزاعي : تلك التي هي في حواصلها أرواح آل فرعون تخترق ريشها له وتسود بالعرض.