قال ابن عرفة : وكان يمشي لنا أنه على ظاهره وليس على القلب ، والمراد أن الأغلال في السلاسل والسلاسل في أعناقهم فالأغلال في أعناقهم ، وقد أراني الفقيه أبو سعيد الغبريني أثر القيد في عبد تهادت ساقه ظرفا لهم وهم يجرونها.
قوله تعالى : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً).
قال ابن عطية : فدعوا إلى الكذب وهذا من أشد الاختلاط وأبين الفساد.
وقال الزمخشري : أي شيئا ، أي نبين لهم أنهم لم يكونوا شيئا ، كما تقول : حسبت أن فلانا شيئا ، فإذا هو ليس بشيء.
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ).
ابن عرفة : مثل ضلال الأصنام وغيبتهم عنهم في الآخرة يضل الله الكافرين في الدنيا حتى طلبوا الآلهة وطلبتهم الآلهة لم يتصارفوا.
قلت : والمعنى على ما قال ابن عطية ، أي مثل ضلالهم في الآخرة بكذبهم في إنكارهم عبادتهم الأصنام فضلهم الله في الدنيا لعبادتهم لها.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ).
ابن عرفة : يوجد أن الفرح بغير الحق كبيرة لترتب العقاب الأبدي عليه.
فإن قلت : العقاب عليه وعلى المدح بعاقله هل هو على كل واحد منهما بانفراد؟
قال : وانظر هل الفرح بغير المباح داخل في ذلك أم لا؟ قلنا : تجري على الخلاف في المباح هل هو حكم شرعي أو لا؟ وتقدم نظره في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) [سورة الأحقاف : ١٦].
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ).
قال ابن سلامة في شرح أسماء الله الحسنى : صرح مسلم أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ " إذا قام من الليل يصلي ، يقول : اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض" الحديث ، وفيه : " أنت الحق ، ووعدك الحق ، وقولك حق ، ولقاؤك حق ، والجنة حق ، والنار حق والساعة حق" (١) ، فلما ذكر ذات الله وصفاته عرف الحق بالألف
__________________
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ٤٣٠٣.