المراد بالإسلام العملي الراجع للصلاة والصوم والزكاة ، والأول أمر عملي اعتقادي ، والنهي عما تقدم إما بالشرع أو بالعقل أو بهما ، فيرجع إما للحكم فهو شرعي ، أو للدليل فهو عقلي أو لهما معا.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ).
قال ابن عرفة : لما تضمن الكلام السابق التنبيه على كمال الله تعالى بالقدرة ، وأخرج عالم الإنسان من العدم للوجود ، وتصويره ونقله من حال إلى حال ، ثم نقل إلى حالة العدم ، واتصافه بالحياة والوحدانية عقبه بذم حالة المجادلين في آيات الله مع وضوحها ، وآيات الله إما القرآن وإما المعجزات.
ابن عرفة : ، وتقدم في الآية سؤالا قد خفي ظهوره ، وهو أن الجملة المتضمنة لمعنى إذا ؛ عقبت بالإنكار ، فإنما يريد فيها نقيض لازم ذلك المعنى ، ولا يتكرر فيها عين لازمه ، تقول : أحسنت إليك فكيف تكفرني ، ولا تقول : أحسنت إليك فكيف تشكرني ، لأن الشكر من لوازم الإحسان والإنكار هنا [٦٦ / ٣٢٣] تسلط على صرفهم عن الآية وهو عين لازم المجادلة فيها ، قال : والجواب : أن ذلك إذا كان هو العجب بأمر خارجي عن المعنى الأول ، فحينئذ تؤتى فيه بعين اللازم ، كقولك : من لم يعلم إنتاج الشكل الأول فكيف يدرك بعقله إنتاج الشكل الثاني ، وهنا التقدير كيف تجادلون فيها وأنى يصرفون عن المانع من خبر الذم.
قلت : وقال ابن عطية في قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي كيف تصرفون عن طريق النظر والهدى.
وقال الزمخشري : كيف ومن أي وجه تصرفون عن عبادته إلى عبادة الأوثان.
قوله تعالى : فسوف تعلمون.
وفيه الفاء للتعقيب وسوف للتنفيس ، فكيف صح الجمع بينهما؟ فالجواب : إن التعقيب لذات الشيء ، والتنفيس للعليم بذلك ، وفرق بين كون الأغلال في أعناقهم وعلمهم قبل نزوله بهم ليس كعلمه بعد حلوله بهم.
قوله تعالى : (وَالسَّلاسِلُ).
بالخفض.
ابن عطية : على الصلب ، أي إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، مثل : أدخلت القلنسوة في رأسي.