إن قلت : لم عبر بهذا ولم يقل : فإذا الذي هو عدوك ، فالجواب : أن هذا يفيد حصول العداوة من الجانبين ، وكل واحد منهما عدو لصاحبه ، ولو قيل : فإذا الذي هو عدوك لا ، فإذا العداوة من أحد الجانبين فقط.
قوله تعالى : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
أي من الصبر أو من العقل ولا يحصل ذلك إلا من اتصف بالصبر ، وهذا أخص من الأول.
قوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ).
الزمخشري : النزغ هو النخس.
ابن عرفة : وهذا على سبيل الغرض كان ملزومية المقدم للتالي لا يدل على وقوعه ، مثل : (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) [سورة الزخرف : ٨١] ، ولذلك أتى فيه بكلمة إن قلت : هو حقيقة ، قال : أو هو مجاز ، وشبهه بعضهم بطائر مؤذ أغار على بستان فلا يؤذيه ولا يقصد إذائته لعلمه إنه لا يقبل الإذائة لكنه يمر عليه ويقصد إذائته ، ويمنعه من ذلك مانع ، وتارة يقصد إذائته فيؤذيه ، فالأول : حالة الشيطان عليه اللعنة مع الأنبياء عليهمالسلام ، والثاني : حاله مع الأولياء يوسوس لهم فلا يعطونه ، والثالثة : حالة مع سائر الناس من العصاة.
قوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ).
ابن عطية : أي مما قبله من الكتب و (مِنْ خَلْفِهِ) أي مما بعده من نظر ناظر أو فكرة عاقل ، أي لا يتعلق به إبطال مبطل متقدم ولا متأخر.
[٦٧ / ٣٢٥] ابن عرفة : (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) على هذا متعلق بالباطل لا يتأتى لأن يأتي مستقبل ، و (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) مأمن له ، قلت : أو يكون حالا من الباطل.
قوله تعالى : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ).
فسر معنيين :
أحدهما : ما يقال من قولك السيىء المكروه الأمثل ما قاله الأنبياء من قومهم.
الثاني : ما يقال لك من الوحي في الكتاب المنزل عليك إلا ما قد قيل للرسل في الكتب المنزلة عليهم ، أو ما يقال لك من الوحي بالأحكام والشرائع إلا ما قد قيل يضرك ، فالمقول له على هذا مثل ما قد قيل لغيره لأنه غير ما قد قيل لغيره.