ابن عرفة : ويحتمل أن يراد ما يقال لك من كلمة التوحيد واعتقاد ما يجب لله وما يستحيل عليه إلا ما قد قيل لغيرك من الرسل ، فالمقول على هذا نوعين : ما قيل لغيره وهو كلمة لا إله إلا الله.
قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ).
ولم يقل : ذو مغفرة شاملة ، كما قال تعالى (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) تغليبا للخوف على جانب الرجاء.
قوله تعالى : (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها).
أما معطوف على الساعة ، أي وإليه يرد علم الساعة ، (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) فما موصولة فهو منحصر في علم الله ، وإما متصل بما بعده وما نافية.
قال ابن عرفة : والثمرات بعد حصولها في الأكمام قد يدعي أحد علمها ، وكذلك الحمل بعد ظهوره ، وأما قبل حصول الثمرات في الكم فلا يقدر أحد أن يدعي علمها ، وكذلك النطفة حين حصولها في الرحم لا يعلم أحد لها بوجه ، فلذلك أسند العلم إلى الله تعالى في حالة إمكان ادعاء العلم بها فأحرى في حال عدم ادعائه ، قوله تعالى : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) [سورة الإسراء : ٨٣]
قال ابن عرفة : النأي عن الشيء والبعد منه أقوى من الإعراض عنه ، فلذلك عطفه عليه أو يكون الاعتراض من صفة المؤمن ، والنأي من صفة الكافر أو هو قدر مشترك بين الجميع ، وعبر هنا بالفعل مبالغة في ذمه بمطلق الإعراض ، ثم عبر بالاسم ، في قوله تعالى : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) مبالغة في ذمه بكثرة الإلحاح وملازمته له عند نزول الشدائد به.
قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ).
لأن العرض يستلزم الطول فكل عريض طويل والطويل قد لا يكون عريضا.
ابن عرفة : هذا لا يصح ، فإن الطول والعرض أمران نسبيان ، فالشيء لا بد له من طول وعرض ، وكذلك الخيط لا بد له من طول وعرض ، والصواب كأن يقول : عظم العرض يستلزم الطول والطول لا يستلزم العرض ، بدليل المفتول والحبل فإنهما طويلان قليلا العرض بخلاف ما له كان الشيء كثير العرض ، فإن طوله إما أن يكون قدر عرضه أو أعظم منه ولا يكون أقل منه أصلا بوجه.