قلت : وأفصح ابن عطية في سورة آل عمران (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [سورة آل عمران : ١٣٣] فقال : الطول لا يدل على قدر العرض بل قد يكون الطويل قليل العرض كالخيط ، وانظر على الذم على مجموع أو على كل واحد منهما.
قيل لابن عرفة : لو كان الذم على مجموعها للزم عليه المفهوم ، فقال : يكون مفهوم أحرى لأنه إذا ذم على الإعراض عند النعمة والدعاء عند الشدائد ، فأحرى أن يلزم عن الإعراض عند النعمة ، وعدم الدعاء عند الشدائد.
قوله تعالى : (عَرِيضٍ).
إشارة إلى أنه ذو دعاء لكنه يعظم دعاءه ، والحاجة عند الشدائد ، وفرق بين قولك : هذا الثوب ذو عرض ، وهذا الثوب عريض ، فعريض أبلغ فعبر في الأول ، بقوله : (إِذا أَنْعَمْنا) ، وفي الثاني بالقسم إشارة إلى المبالغة من حيث إنه يعرض عند حلول كمال النعمة به ، ويصح في الدعاء عند نزول أوائل السور ، وأسند النعمة إلى الله تعالى و (١) .... إلى الشرك على جهة الأدب.
قيل لابن عرفة : بل هو حقيقة عند المعتزلة ، فقال : لا لأنهم يقولون : إن الأمراض والعلل ليست من فعل العبد وعطفه هنا وفي الأحقاف بالواو ، قوله تعالى :
(مَنْ أَضَلُ) [سورة الأحقاف : ٥].
ابن عرفة : جوابها إما مفهوم من الأول أي من أضل هو أو من حس ، وهذا مع قوله تعالى : في الأحقاف : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [سورة الأحقاف : ٥] ينتج أنهما مستويان في الضلال.
قوله تعالى : (وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
إن أريد بالشهادة لازمها وهو العقوبة والانتقام ، فلفظ (شَيْءٍ) خاص بالحادث ، وإن أريد بها العلم والحضور فيعم القديم والحدث وهذا خطاب للكفار والمراد به رؤساءهم ، وأما العوام والأتباع فلا يعلمون ذلك حتى يقرأ عليهم عملهم بهمزة الاستفهام ، قلت : بدليل حديث ابن مسعود في كتاب القدر عند مسلم اجتمع عند البيت ثلاثة نفر قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي قليل فقه قلوبهم كثير شحم بطونهم ،
__________________
(١) بياض في المخطوطة.