إنما أفردها تنبيها على أنه استشعر ذلك عند دخوله إحداهما فأحرى إذا دخلهما ، أو لأن الدخول لا يقع إليهما في حالة واحدة بل إنما يدخل إحداهما أولا ثم يدخل الأخرى بعد ذلك.
قوله تعالى : (ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً).
إن أراد الأرض والسماوات فيؤخذ منه أنه كان يقول بقدم العالم قاله ابن عطية :
قال ابن عرفة : لأن بما ثبت قدمه يستحال عدمه ؛ فعكسها ابن عطية ، فقال : ما استحال عدمه ثبت قدمه هذه أصول العالم وهي السماوات والأرض ، وأما الجزئيات كالأشجار والثمار فمعلوم أنها تفنى ويخلفها غيرها.
قوله تعالى : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ).
كفره إما بإنكاره المعاد ؛ لقوله (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) أو شكه فيه لقوله (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي).
ابن عرفة : وتقدمنا فيها إشكال وهو ما الموجب لتكفيره إياه ؛ مع أن المعاد عند أهل السنة إنما هو ثابت بالسمع لا بالعقل ، والعقل اقتضى إمكانه وتجويز وقوعه ؛ لأن وجوب وقوعه ، والمعتزلة يقولون : إنه واجب الوقوع عقلا بناء على قاعدة التحسين والتقبيح عندهم ، فإما أن يجاب بأنهم لعلهم كان غيرهم سمع واقتضى وجوب المعاد وإنكاره كفرا ، وفهم عنه أنه مشرك بالله حسبما أقر به على نفسه في آخر الآية ، في قوله (وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) [سورة الكهف : ٤٢] قيل لابن عرفة : فكيف يكفره بإنكاره ما ثبت بالسمع ثم يستدل بما فيه بالعقل.
قوله تعالى : (مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ).
استدل له بأصل بعد منفصل وهو التراب ، وأصل بعد متصل وهو النطفة ؛ أي خلق أباك من تراب ثم من نطفة.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ).
أفردهما ؛ وهما جنتان تحقيرا لهما.
قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ).
ابن عرفة : وكان بعضهم يقول سببا للذم إن كان فعليا فالعادة تكون الندم بتقليب الكف ، وإن كان قوليا فيكون بالقرع على السن.
كما قال الشهرستاني في أول نهاية الإقدام :