وقال آخرون : خفتم بمعنى ظننتم.
قال ابن عطية : والمعنى : من غلب على ظنه التقصير في العدل لليتيمة فليتركها وينكح غيرها و «ما» في قوله (ما طابَ) موصولة. فالمعنى : فانكحوا النوع الطيب من النساء : أي الحلال وما حرمه الله فليس بطيب.
وقيل : «ما» هنا ظرفية أي ما دمتم مستحسنين للنكاح وضعفه ابن عطية ، وقال الفراء : مصدرية ، قال النحاس : وهذا بعيد جدا.
وقد اتفق أهل العلم على أن هذا الشرط المذكور في الآية لا مفهوم له وأنه يجوز لمن لم يخف أن يقسط في اليتامى أن ينكح أكثر من واحدة ، و (مِنَ) في قوله : (مِنَ النِّساءِ) إما بيانية أو تبعيضية ، لأن المراد غير اليتامى.
(مَثْنى) أي اثنتين اثنتين.
(وَثُلاثَ) أي ثلاثا ثلاثا.
(وَرُباعَ) أي أربعا أربعا.
وقد استدل بالآية على تحريم ما زاد على الأربع وبينوا ذلك بأنه خطاب لجميع الأمة ؛ وأن كل ناكح له أن يختار ما أراد من هذا العدد ، كما يقال لجماعة : اقتسموا هذا المال وهو ألف درهم ، أو هذا المال الذي في البدرة درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، وهذا مسلم إذا كان المقسوم قد ذكرت جملته أو عين مكانه.
أما لو كان مطلقا كما يقال : أقسموا الدراهم ويراد به ما كسبوه فليس المعنى هكذا. والآية من الباب الآخر لا من الباب الأول. على أن من قال لقوم يقتسمون مالا معينا كثيرا اقتسموه مثنى مثنى وثلاث ورباع فقسموا بعضه بينهم درهمين درهمين وبعضه ثلاثة ثلاثة وبعضه أربعة أربعة كان هذا هو المعنى العربي.
ومعلوم أنه إذا قال القائل : جاءني القوم ثلاث ورباع. والخطاب للجميع بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد كما في قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٥] ، (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) [البقرة : ٤٣] ، ونحوها.
فقوله (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : لينكح كل فرد منكم ما طاب له من النساء إثنتين اثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا ؛ هذا ما تقتضيه لغة العرب فالآية