(لا يَحِلُّ لَكُمْ) : للمسلمين : أي لا يحل لكم معاشر المسلمين [أن ترثوا النساء كرها كما كانت تفعله الجاهلية ، ولا يحلّ لكم معاشر المسلمين (١)] أن تعضلوا أزواجكم أي تحبسوهنّ عندكم ، مع عدم رغبتكم فيهنّ ، بل لقصد أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ من المهر يفتدين به من الحبس والبقاء تحتكم ، وفي عقدكم مع كراهتكم لهنّ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) جاز لكم مخالعتهنّ ببعض ما آتيتموهنّ.
(وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [أي بما هو معرف] (٢) في هذه الشريعة وبين أهلها من حسن المعاشرة ، وهو خطاب للأزواج أو لما هو أعم ، وذلك مختلف باختلاف الأزواج في الغنى والفقر والرفاعة والوضاعة (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ) لسبب من الأسباب من غير ارتكاب فاحشة ولا نشوز (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩)) : أي فعسى أن يؤول الأمر إلى ما تحبونه من ذهاب الكراهة وتبدلها بالمحبة فيكون في ذلك خير كثير من استدامة الصحبة وحصول الأولاد. فيكون الجزاء على هذا محذوفا مدلولا عليه بعلته : أي فإن كرهتموهن فاصبروا ولا تفارقوهن بمجرد هذه النفرة فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.
قيل : في الآية ندب إلى إمساك الزوجة مع الكراهة ، لأنه إذا كره صحبتها وتحمّل ذلك المكروه طلبا للثواب وأنفق عليها وأحسن هو معاشرتها استحق الثناء الجميل في الدنيا والثواب الجزيل في العقبى.
[الآية السابعة]
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠)).
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ) : أي زوجة (مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) : المراد به هنا المال الكثير ، وفيه دليل على جواز المغالاة في المهور (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) : قيل : هي محكمة ، وقيل : هي منسوخة بقوله تعالى في سورة البقرة : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) والأولى
__________________
(١) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والمستدرك من فتح القدير [١ / ٤٤١].
(٢) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والمستدرك من فتح القدير [١ / ٤٤١].