وقد استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على جواز فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن نفقة زوجته وكسوتها ؛ وبه قال مالك والشافعي وغيرهما.
(وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) : هذا خطاب للأزواج ، قيل : الخوف هنا على بابه ، وهو حالة تحدث في القلب عند حدوث أمر مكروه ، أو عند ظنّ حدوثه ، وقيل : المراد بالخوف هنا العلم.
والنشوز : العصيان ، قال ابن فارس يقال : نشزت المرأة استعصت على زوجها ، ونشز بعلها إذا ضربها وجفاها.
(فَعِظُوهُنَ) أي ذكروهنّ بما أوجبه الله عليهنّ من الطاعة وحسن العشرة ورغبوهنّ ورهبوهنّ.
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) : يقال : هجره : أي تباعد منه ، والمضاجع : جمع مضجع وهو محل الاضطجاع : أي تباعدوا عن مضاجعهنّ ولا تدخلوهنّ تحت ما تجعلونه عليكم حال الإضجاع مع الثياب. وقيل : هو أن يوليها ظهره عند الاضطجاع ، وقيل : هو كناية عن ترك جماعها. وقيل : لا تبيت معه في البيت الذي يضطجع فيه.
(وَاضْرِبُوهُنَ) أي ضربا غير مبرح ، ولا شائن.
وظاهر النظم القرآني أنه يجوز للزوج أن يفعل جميع هذه الأمور عند مخافة النشوز ، وقيل : إنه لا يهجر إلا بعد عدم تأثير الوعظ ، فإن أثر الوعظ لم ينتقل إلى الهجر ، وإن كفاه الهجر لم ينتقل إلى الضرب.
(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) كما يجب وتركن النشوز (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي لا تتعرضوا لهن بشيء مما يكرهن لا بقول ولا فعل. وقيل : المعنى لا تكلفوهنّ الحبّ لكم فإنه لا يدخل تحت اختيارهنّ.
[الآية الثالثة عشرة]
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٥)).