والوفاق ، وإذا اختلف الحكمان لم ينفذ حكمهما ولا يلزم قبول قولهما بلا خلاف.
[الآية الرابعة عشرة]
(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٦)).
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) مصدر لفعل محذوف أي أحسنوا بالوالدين إحسانا. وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع.
وقد دل ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد الأمر بعبادة الله والنهي عن الإشراك به على عظم حقهما ، ومثله : (اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) ـ فأمر سبحانه بأن يشكرا معه.
(وَبِذِي الْقُرْبى) : أي صاحب القرابة وهو من يصح إطلاق اسم القربى عليه وإن كان بعيدا.
(وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) : قد تقدم تفسيرهما. والمعنى أحسنوا بذي القربى إلى آخر ما هو مذكور في هذه الآية.
(وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) والمراد من يصدق عليه مسمى الجوار مع كون داره بعيدة. وفي ذلك دليل على تعميم الجيران بالإحسان إليهم. سواء كانت الديار متقاربة أو متباعدة ، وعلى أن للجوار حرمة مرعية مأمورا بها. وفيه ردّ على من يظن أن الجار مخصوص (١) بالملاصق دون من بينه وبينه حائل ، أو مختص بالقريب دون البعيد. وقيل : المراد بقوله : (وَالْجارِ الْجُنُبِ) : هنا هو الغريب ، وقيل هو الأجنبي الذي لا قرابة بينه وبين المجاور له. وقرأ الأعمش والمفضل (وَالْجارِ الْجُنُبِ) بفتح الجيم وسكون النون أي ذي الجنب وهو الناحية. وأنشد الأخفش :
الناس جنب والأمير جنب.
وقيل : المراد بالجار ذي القربى : المسلم ، وبالجار الجنب : اليهودي والنصراني.
__________________
(١) في فتح القدير [١ / ٤٦٤] [مختص].