(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) : يقال : أوفى ووفى ، وقد جمع بينهما الشاعر فقال :
أمّا ابن طوف فقد أوفى بذمّته |
|
كما وفى بقلاص النّجم حاديها |
والعقود : العهود ، وأصل العقود الربط ، وأحدها عقد ، يقال : عقدت الحبل والعهد ، فهو يستعمل في الأجسام والمعاني ، وإذا استعمل في المعاني ـ كما هنا ـ أفاد أنه شديد الإحكام ، وقوي التوثيق.
وقيل : المراد بالعقود هي التي عقدها الله على عباده ، وألزمهم بها من الأحكام.
وقيل : هي العقود التي يعقدونها بينهم من عقود المعاملات ، والأولى شمول الآية للأمرين جميعا ، ولا وجه لتخصيص بعضها دون بعض.
قال الزجاج : أوفوا بعقد الله عليكم ، أو بعقدكم بعضكم على بعض. انتهى.
والعقد الذي يجب الوفاء به ، ما وافق كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن خالفهما فهو رد ، لا يجب الوفاء به ، ولا يحل (١).
(أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) البهيمة : اسم لكل ذي أربع ، سمّيت بذلك لإبهامها من جهة نقص نطقها وفهمها وعقلها ، ومنه باب مبهم ، أي مغلق ، وليل بهيم ، وبهيمة للشجاع الذي لا يدري من أين يؤتى ، وحلقة مبهمة لا يدرى أين طرفاها.
والأنعام : اسم للإبل والبقر والغنم ، سمّيت بذلك لما في مشيها من اللين.
وقيل : بهيمة الأنعام وحشيّها كالظباء ، وبقر الوحش ، والحمير الوحشية ، وغير ذلك. حكاه ابن جرير الطبري عن قوم ، وحكاه غيره عن السدي والربيع وقتادة والضحاك (٢).
__________________
فقد ذكروا هذه الحكاية.
(١) قال الضحاك : العقود هنا : حلف الجاهلية ، وقال أيضا : هي العهود ، وقال : ما أحل الله وحرّم وما أخذ الله من الميثاق على من أقرّ بالإيمان بالنبي والكتاب أن يوفوا بما أخذ الله عليهم من الفرائض من الحلال والحرام. وانظر الأقوال في هذه الآية في : زاد المسير (٢ / ٢٦٧) ، وأحكام القرآن للمعافري (٢ / ٥٢٤) ، وتفسير ابن كثير (٢ / ٣) ، وتفسير ابن عطية (٤ / ٣١٣ ، ٣١٥).
(٢) وقال الضحاك أيضا : هي الأنعام مطلقا وانظر أقوالهم في «الطبري» (٦ / ٣٤) ، وأحكام ابن العربي (٢ / ٥٢٩) ، وابن عطية (٤ / ٣١٦) ، والقرطبي (٦ / ٣٧) ، ابن كثير (٢ / ٥) ، وزاد المسير (٢ / ٢٦٨) ، والدر المنثور (٢ / ٢٥٣) ، والمغني (١١ / ٥١).