وكان سبب نزول الآية اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في يوم بدر ، بأن قال الشبان : هي لنا لأنا باشرنا القتال ، وقال الشيوخ : كنا ردءا لكم تحت الرايات ، فنزع الله ما غنموه من أيديهم ، وجعله الله والرسول ، فقال : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي حكمها مختص بهما ، يقتسمها بينكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أمر الله سبحانه ، فقسمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بينهم على السواء.
رواه الحاكم في «المستدرك» (١) ، وليس لكم حكم في ذلك.
وقد ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الأنفال كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة ، ليس لأحد فيها شيء حتى نزول قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال : ٤١] الآية ، فهي على هذا منسوخة ؛ وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي.
وقال ابن زيد : محكمة مجملة ، قد بين الله مصارفها في آية الخمس ولا نسخ! (٢).
__________________
(١) حديث صحيح : رواه الحاكم في «المستدرك» (٢ / ١٣١ ، ١٣٢ ، ٢٢١ ، ٢٢٢ ، ٣٢٦ ، ٣٢٧). وصححه ، ووافقه الذهبي.
وكذلك رواه أبو داود (٢٧٣٧) ، (٢٧٣٨) (٢٧٣٩) ، والنسائي في «تفسيره» (٢١٧) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٨ / ٤٦٩).
قلت : ورجال إسناده كلهم ثقات.
قلت : وهناك سبب آخر في نزول قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ...) روى الترمذي (٤ / ١١٠) بسنده عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم بدر جئت بسيف فقلت : يا رسول الله إن الله قد شفى صدرك من المشركين أو نحو هذا ، هب لي السيف؟ فقال : هذا ليس لي ولا لك ، فقلت : عسى أن يعطى هذا من لا يبلي بلائي فجاءني الرسول فقال : إنك سألتني وليس لي ، وإنه قد صار لي وهو لك ، قال : فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) الآية. وقال : حديث حسن صحيح. وقد رواه سماك عن مصعب بن سعد أيضا.
والحديث رواه مسلم مطولا ومختصرا (١٢ / ٥٣ ، ٥٤ نووي) وأبو داود (٣ / ٣٠ ، ٣١) ، والطيالسي (١ / ٢٣٩) ، وابن أبي حاتم (٣ / ٢٢٢) ، والحاكم (٢ / ١٣٢) ، وصححه وأقرّه الذهبي ، والبيهقي (٦ / ٢٢٩) ، وابن جرير (٩ / ١٧٣) ، وأبو نعيم (٨ / ٣١٢).
(٢) قال ابن العربي المعافري : «والصحيح أن هذه الآية ناسخة لما سبق من حكم الله في تحريم الغنائم على الخلق ، فأحلها الله على هذه الأمة لما رأى من ضعفها وعجزها ، وفي الصحيح [البخاري تيمم ، صلاة ٥٦ ، خمس ٨ / مسلم مساجد ٣ ، ٥ ، أبو داود جهاد ١٢١ ، الدارمي صلاة ١٧١ ، أحمد (١ / ٣٠١) ، (٣ / ٣٠٤) ، (٥ / ٣٢٦) عن جابر بن عبد الله وغيره : أحلت لي الغنائم ، وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من طرق عديدة ، واللفظ للبخاري (غرض الخمس ٨ ، نكاح ٥٨ ، مسلم جهاد ٣٢) .. وهذا صحيح لا طعن فيه ، وبيّن لا غبار عليه وانظر كلامه في