مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)).
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) : أي هذه براءة ، يقال : برئت من الشيء أبرأ براءة ؛ وأنا منه بريء ، إذا أزلته عن نفسك ، وقطعت سبب ما بينك وبينه (١).
(إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)) العهد : العقد الموثق باليمين ، والخطاب للمسلمين وقد كانوا عاهدوا مشركي مكة وغيرهم بإذن من الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والمعنى الإخبار للمسلمين بأن الله ورسوله قد برئا من تلك المعاهدة ، بسبب ما وقع من الكفار من النقض ، فصار النبذ إليهم بعهدهم واجبا على المعاهدين من المسلمين. ومعنى براءة الله سبحانه ، وقوع الإذن منه ـ سبحانه ـ بالنبذ من المسلمين لعهد المشركين بعد وقوع النقض منهم ؛ وفي ذلك من التفخيم بشأن البراءة والتهويل لها ، والتسجيل على المشركين بالذل والهوان ما لا يخفى.
(فَسِيحُوا) : أيها المشركون (٢).
(فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) : هذا أمر منه سبحانه بالسياحة بعد الإخبار بتلك البراءة.
والسياحة : السير ، يقال : ساح فلان في الأرض ، يسيح سياحة وسيوحا وسيحانا.
ومعنى الآية أن الله سبحانه بعد أن أذن بالنبذ إلى المشركين بعهدهم ، أباح للمشركين الضرب في الأرض والذهاب إلى حيث يريدون ، والاستعداد للحرب هذه الأربعة الأشهر.
وليس المراد من الأمر بالسياحة تكليفهم بها ، قال محمد بن إسحاق وغيره : إن المشركين صنفان :
صنف كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر ، فأمهل تمام الأربعة الأشهر.
__________________
(١) قال ابن الجوزي أي : قطع الموالاة والعصمة والأمان. (تذكرة الأريب ١ / ٢٠٩).
(٢) قال ابن الجوزي : أي انطلقوا آمنين من مكروه يقع بكم ، وهذا الأمان لمن لم يكن له أمان ولا عهد.
قال مجاهد : أول هذه الأشهر يوم النّحر ، وآخرها العاشر من ربيع الآخر. (تذكرة الأريب ١ / ٢٠٩).