قال القرطبي في «تفسيره» (١) : الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به ، ومن أئمة التابعين من فسّر الركون بما هو بعض من معناه اللغوي :
فروي عن قتادة وعكرمة في تفسير الآية : إن معناها لا تودوهم ولا تطيعوهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في تفسير الآية : الركون هنا الإدهان ، وذلك أن لا ينكر عليهم كفرهم.
وقال أبو العالية : معناه لا ترضوا أعمالهم (٢).
وقد اختلف أيضا الأئمة من المفسرين في هذه الآية : هل هي خاصة بالمشركين؟ وأنهم المرادون بالذين ظلموا؟ وقد روي ذلك عن ابن عباس.
وقيل : إنها عامة في الظلمة من غير فرق بين كافر ومسلم ، وهذا هو الظاهر من الآية. ولو فرضنا أن سبب النزول هم المشركون لكان الاعتبار لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
فإن قلت : قد وردت الأدلة الصحيحة البالغة عدد التواتر ، الثابتة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثبوتا لا يخفى على من له أدنى تمسك بالسنة المطهرة ، بوجوب طاعة الأئمة والسلاطين والأمراء ؛ حتى ورد في بعض ألفاظ الصحيح : «أطيعوا السلطان وإن كان عبدا حبشيا رأسه كالزبيبة» (٣).
وورد وجوب طاعتهم ما أقاموا الصلاة (٤) ، وما لم يظهر منهم الكفر البواح (٥) ، وما لم يأمروا بمعصية الله (٦).
__________________
(١) انظره في (٩ / ١٠٨).
(٢) انظر : الطبري (١٢ / ١٢٨) ، الدر المنثور (٣ / ٣٥١).
(٣) حديث صحيح : رواه البخاري (٢ / ١٨٤ ، ١٨٨) ، (١٣ / ١٢١) ، ومسلم (١٢ / ٢٢٥) ، عن أنس مرفوعا.
(٤) حديث صحيح : رواه مسلم (١٢ / ٢٤٤) عن عوف بن مالك مرفوعا ، وفيه : «لا ما أقاموا الصلاة».
(٥) حديث صحيح : رواه البخاري (١٣ / ٥) ، ومسلم (١٢ / ٢٢٨) ، عن عبادة مرفوعا وفيه : «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان».
(٦) حديث صحيح : رواه البخاري (١٣ / ١٢١ ، ١٢٢) ، ومسلم (١٢ / ٢٢٦) ، عن عبد الله بن عمر مرفوعا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».