وعلى رب المنزل أن يؤويه شاء أم أبى.
وذهب الجمهور إلى أن دور مكة ومنازلها ليست كالمسجد الحرام ؛ ولأهلها منع الطارئ من النزول فيها.
والحاصل أن الكلام في هذا راجع إلى أصلين :
الأول : ما في هذه الآية ؛ هل المراد بالمسجد نفسه؟ أو جميع الحرم؟ أو مكة على الخصوص.
والثاني : هل كان فتح مكة صلحا؟ أو عنوة؟ وعلى فرض أن فتحها كان عنوة ، فهل أقرها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أيدي أهلها على الخصوص؟ أو جعلها لمن نزل بها على العموم؟
وقد أوضح الشوكاني رحمهالله هذا في شرحه «نيل الأوطار على منتقى الأخبار» (١) بما لا يحتاج الناظر فيه إلى زيادة.
[الآية الرابعة]
(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)).
(وَالْبُدْنَ) : قرأ ابن أبي إسحاق بضم الباء والدال ، وقرأ الباقون بإسكان الدال ؛ وهما لغتان.
وهذا الاسم خاص بالإبل ؛ وسمّيت بدنة لأنها تبدن.
والبدانة : السمن (٢).
وقال أبو حنيفة ومالك : إنه يطلق على غير الإبل.
والأول للأوصاف التي هي ظاهرة في الإبل ولما تفيده كتب اللغة من اختصاص هذا الاسم بالإبل. وقال ابن كثير في «تفسيره» (٣) : واختلفوا في صحة إطلاق البدن على
__________________
(١) انظر : نيل الأوطار (٨ / ١٦٤ ، ١٧٥).
(٢) انظر : تفسير القرطبي (١٢ / ٦٠).
(٣) انظر في تفسيره : (٣ / ٢٣٢).