ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم |
|
إذا أثقل الأعناق حمل المغارم |
ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك فقال : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها).
أوزار الحرب : آلاتها التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع ، أسند الوضع إليها وهو لأهلها على طريق المجاز.
والمعنى أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور إلى غاية ، هي أن لا يكون حرب مع الكفار.
وقال مجاهد : المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام ، وبه قال الحسن والكلبي.
وقال الكسائي : حتى يسلم الخلق.
قال الفراء : حتى يؤمنوا ويذهب الكفر. وقيل : المعنى حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة.
وروي عن الحسن وعطاء أنهما قالا : في الآية تقديم وتأخير ، والمعنى : فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها ، فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق (١).
وقد اختلف العلماء في هذه الآية : هل هي محكمة؟ أو منسوخة؟
فقيل : إنها منسوخة في أهل الأوثان ، وأنه لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم ، والناسخ لها قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] وقوله : (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) [الأنفال : ٥٧] ، وقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة : ٣٦] ، وبهذا قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج وكثير من الكوفيين (٢).
قالوا : والمائدة آخر ما نزل ، فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على
__________________
(١) انظر : الطبري (٢٦ / ٤٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٦) ، والقرطبي في «تفسيره» (١٦ / ٢٢٦ ، ٢٢٨). ومعاني الفراء (٣ / ٥٧) ، وزاد المسير لابن الجوزي (٧ / ٣٩٧) ، والنكت والعيون للماوردي (٤ / ٤٤).
(٢) وممن قال بدعوى النسخ أيضا : شعبة عن الحكم ومغيرة بن شعبة والحسن البصري ومجاهد وهو مذهب أبي حنيفة وانظر : القرطبي (١٦ / ٢٢٧) ، الدر المنثور (٦ / ٤٦ ، ٤٧) ، والناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢ / ٣٧٢).