و (عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً) : من الأشياء كائنا ما كان ، هذا كان يوم فتح مكة ، فإن نساء أهل مكة أتين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يبايعنه فأمره الله أن يأخذ عليهن أن لا يشركن.
(وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) : وهو ما كانت تفعله الجاهلية من وأد البنات.
(وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) : أي لا يلحقن بأزواجهن ولدا ليس منهم.
قال الفرّاء : كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها : هذا ولدي منك ، فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن ، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها ، وليس المراد هنا أنها نسيت ولدها من الزنا إلى زوجها ، لأن ذلك قد دخل تحت النهي عن الزنا.
(وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) : أي في كل أمر هو طاعة لله.
قال عطاء : في كل بر وتقوى.
وقال المقاتل : عني بالمعروف النهي عن النوح ، وتمزيق الثياب ، وجز الشعر ، وشق الجيب ، وخمش الوجوه ، والدعاء بالويل.
وكذا قال قتادة وسعيد بن المسيب ومحمد بن السائب وزيد بن أسلم ، ومعنى القرآن أوسع مما قالوه! قيل : ووجه التقييد بالمعروف مع كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يأمر إلا به ، للتنبيه على أنه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق.
(فَبايِعْهُنَ) : هذا جواب إذا ، والمعنى إذا بايعنك على هذه الأمور فبايعهن ، ولم يذكر في بيعتهن الصلاة والزكاة والصيام والحج لوضوح كون هذه الأمور ونحوها من أركان الدين وشعائر الإسلام ، إنما خص الأمور المذكورة لكثرة وقوعها من النساء.
(وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ) : أي اطلب من الله المغفرة لهن بعد هذه المبايعة لهن منك.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)) : أي بليغ المغفرة والرحمة لعباده (١).
__________________
(١) انظر في تفسير هذه الآية : الطبري (٢٨ / ٥١) ، النكت (٤ / ٢٢٨) ، زاد المسير (٨ / ٢٤٤) ، القرطبي (١٧ / ٧١) ، الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢ / ٨٨٨).