ولما نزلت الآية المتقدمة قال المسلمون : رضينا بحكم الله ، وكتبوا إلى المشركين فامتنعوا ، فنزل قوله :
(وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ) : أي مما دفعتم.
(مِنْ أَزْواجِكُمْ) أي من مهور نسائكم المسلمات. وقيل : المعنى وإن انفلت منكم أحد من نسائكم.
(إِلَى الْكُفَّارِ) : فارتدت المسلمة.
(فَعاقَبْتُمْ) : قال الواحدي ، قال المفسرون : أي فغنمتم.
وقال الزجاج : تأويله وكانت العقبى لكم ، أي كانت الغنيمة لكم حتى غنمتم.
(فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) : من مهر المهاجرة التي تزوجوها ودفعوه إلى الكفار ولا تؤتوه زوجها الكافر.
قال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة ، وهذه الآية منسوخة قد انقطع حكمها بعد الفتح.
وقال قوم : بل محكمة (١).
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)) : أي احذروا أن تتعرضوا لشيء مما يوجب العقوبة عليكم ، فإن الإيمان الذي أنتم متصفون به يوجب على صاحبه ذلك.
[الآية الخامسة]
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)).
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) : أي قاصدات مبايعتك على الإسلام.
__________________
(١) انظر : الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢ / ٨٨٧) ، والأحكام له (٤ / ٢٧٧٦) ، الطبري (٢٨ / ٤٤ ، ٤٥) ، النكت (٤ / ٢٢٥) ، زاد المسير (٨ / ٢٤١) ، القرطبي (١٨ / ٦٤) ، الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢٣٧) ، الإيضاح (٣٧٦) فما بعدهم.