(وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) : فلا تعصوه فيما أمركم ولا تضاروهن.
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) : أي التي كن فيها عند الطلاق ما دمن في العدة ، وأضاف البيوت إليهن مع كونها لأزواجهن لتأكيد النهي وبيان كمال استحقاقهن للسكنى في مدة العدة ، ومثله : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٤] ، وقوله :
(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣].
ثم لما نهى الأزواج عن إخراجهن من البيوت التي وقع الطلاق وهن فيها ، نهى الزوجات عن الخروج أيضا فقال : (وَلا يَخْرُجْنَ) : أي من تلك البيوت ما دمن في العدة إلا لأمر ضروري ؛ وقيل : المراد لا يخرجن من أنفسهن إلا إذا أذن الأزواج لهن ، فلا بأس ، والأول أولى.
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : فهذا الاستثناء هو من الجملة الأولى ، أي لا تخرجوهن من بيوتهن ، لا من الجملة الثانية.
قال الواحدي : أكثر المفسرين على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا ، وذلك أن تزني فتخرج لإقامة الحد عليها.
وقال الشافعي وغيره : هي البذاء في اللسان والاستطالة به على من هو ساكن معها في ذلك البيت.
ويؤيد هذا ما قال عكرمة : إن في مصحف أبيّ : إلّا أن يفحشن عليكم ؛ وقيل : المعنى إلا أن يخرجن تعديا ، فإن خروجهن على هذا الوجه فاحشة ، وهو بعيد.
(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) : يعني أن هذه الأحكام التي بينها لعباده هي حدوده التي حددها لهم ليس لأحد أن يتجاوزها إلى غيرها.
(وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) : أي يتجاوزها إلى غيرها أو يحل شيئا منها.
(فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) : بإيرادها موارد الهلاك وأوقعها في مواقع الضرر ، بعقوبة الله له
__________________
(٣ / ٣٨٤) ، شرح الزركشي على الخرقي (٥ / ٥٣٤ ، ٥٣٥) ، مشكل القرآن للقيسي (٢ / ٣٨٤) ، الكشاف للزمخشري (٤ / ٥٥٧) ، وحاشية الجمل على الجلالين (٤ / ٣٥٩) ، الكافي لابن قدامة (٢ / ٩٢٥) ، المحرر لأبي البركات (٢ / ١٠٣). والروضة الندية (٢ / ٦٩) ، مراتب الإجماع لابن حزم (ص ٨٧).