انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه.
(أَنَا راوَدْتُهُ) برأه الله تعالى عند الملك بشهادة النسوة وبإقرار امرأة العزيز واعترافها بذلك توبة بما قرفته به.
(ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢))
(ذلِكَ لِيَعْلَمَ) يوسف أني لم أكذب عليه الآن في غيبته.
(وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣))
(وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) لأن راودته ، لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة ، قالته امرأة العزيز ، أو قال يوسف بعد ظهور صدقه.
(ذلِكَ لِيَعْلَمَ) العزيز أني لم أخنه في زوجته ، فقالت امرأة العزيز : ولا حين حللت السراويل ، فقال : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي ،) أو غمزه جبريل عليهالسلام فقال : ولا حين هممت ، فقال : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) أو قال الملك الذي مع يوسف : اذكر ما هممت به ، فقال : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) قاله الحسن رضي الله تعالى عنه ، أو قال العزيز.
(ذلِكَ لِيَعْلَمَ) يوسف. (أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) وأغفل عن مجازاته على أمانته.
(وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) من سوء الظن به.
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤))
(أَسْتَخْلِصْهُ) لما علم الملك الأكبر أمانته طلب استخدامه في خاص خدمته.
(مَكِينٌ) وجيه ، أو متمكن في الرفعة والمنزلة. (أَمِينٌ) آمن لا يخاف العواقب ، أو ثقة مأمون ، أو حافظ. (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) استدل بكلامه على عقله ، وبعفته على أمانته.
(قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥))
(خَزائِنِ) الأموال ، أو الطعام ، أو الخزائن : الرجال ، لأن الأقوال والأفعال مخزونة فيهم ، وهذا تعمق مخالف للظاهر ، وهذا مجوز لطلب الولاية لمن هو أهل لها ، فإن كان المولى ظالما جاز تقلد الولاية منهم إذا عمل الوالي بالحق لأن يوسف قبل من فرعون ، أو لا يجوز ذلك لما فيه من تولي الظالمين ومعونتهم بالتزكية وتنفيذ أعمالهم ، وإنما قبل يوسف من الملك ولاية ملكه الخاص به ، أو كان فرعون يوسف صالحا وكان فرعون موسى طاغيا ، والأصح أن ما جاز لأهله توليه من غير اجتهاد في تنفيذه جازت ولايته من الظالم كالزكوات المنصوصة ، وما لا يجوز أن ينفردوا به كأموال الفيء لا يجوز توليه من الظالم ، وما يجوز أن