يتولاه أهله وللاجتهاد فيه مدخل كالقضاء فإن كان حكما بين متراضيين أو توسطا بين مجبورين جاز ، وإن كان إلزام إجبار لم يجز.
(حَفِيظٌ) لما استودعتني.
(عَلِيمٌ) بما وليتني ، أو (حَفِيظٌ) بالكتاب ، (عَلِيمٌ) بالحساب ، وهو أول من كتب في القراطيس ، أو (حَفِيظٌ) للحساب (عَلِيمٌ) بالألسن أو (حَفِيظٌ) بما وليتني ، (عَلِيمٌ) بسني المجاعة ، فيه دليل على جواز تزكية النفس عند حاجة تدعو إلى ذلك.
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦))
(مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) استخلفه الوليد على عمل أطيفر وعزله ، قال مجاهد : وأسلم على يده ، قال : ملك بعد سنة ونصف. ثم مات أطيفر فزوجه الملك بامرأته راعيل فوجدها يوسف عذراء ، وولدت له ولدين ، أفرائيم وميشا ، ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف ، ولما رأته في موكبه بكت ثم قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا والحمد لله الذي جعل العبيد بالطاعة ملوكا فضمها إليه فكانت من عياله حتى ماتت ولم يتزوجها.
(يَتَبَوَّأُ) يتخذ من أرض مصر منزلا حيث شاء ، أو يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض الأمر إليه.
(بِرَحْمَتِنا) نعمة الدنيا. (وَلا نُضِيعُ) ثواب.
(الْمُحْسِنِينَ) في الآخرة ، أو كلاهما في الدنيا ، أو كلاهما في الآخرة ، ونال يوسف ذلك ثوابا على بلواه ، أو تفضلا من الله تعالى وثوابه باق في الآخرة بحاله.
(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٧))
(وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) من أجر الدنيا لأنه دائم وأجر الدنيا منقطع ، أو خير ليوسف من التشاغل بملك الدنيا لما فيه من التبعة.
(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨))
(فَعَرَفَهُمْ) من غير تعريف ، أو ما عرفهم حتى تعرفوا إليه ، أو عرفهم بلسانهم العبراني ، قال : لما عبر أبوهم بهم فلسطين فنزل وراء النهر سموا عبرانيين. وجاءوا ليمتاروا في سني القحط التي ذكرها يوسف في عبارته فدخلوا عليه لأنه كان يتولى بيع الطعام لعزته.
(مُنْكِرُونَ) لانهم فارقوه صغيرا فكبر ، وفقيرا فاستغنى ، وباعوه عبدا فصار ملكا.
(وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩))