ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نجوما نجوما. وعن الشعبي : المعنى : إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر واختلفوا في وقتها ؛ فأكثرهم على أنها في شهر رمضان في العشر الأواخر في أوتارها وأكثر القول على أنها في شهر رمضان في السابعة والعشرين منها ولعل الداعي إلى إخفائها هو أن يحيي من يزيدها الليالي الكثيرة طلبا لموافقتها فتكثر عبادته ويتضاعف ثوابه وأن لا يتكل الناس عند إظهارها على إصابة الفضل فيها فيفرطوا في غيرها. وقيل : إن معنى «ليلة القدر» هو ليلة تقدير الأمور وقضائها من قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) معناه : ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها ثم بين له ذلك بأنها خير من ألف شهر .. وسبب ارتقاء فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من المصالح الدينية التي ذكرها من تنزيل الملائكة والروح وفصل كل أمر حكيم .. وذكر في تخصيص هذه المدة أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ذكر رجلا من قوم موسى ـ عليهالسلام ـ لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون من ذلك وتقاصرت إليهم أعمالهم فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي. وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له : عابد حتى يعبد الله ألف شهر فأعطوا ليلة إن أحيوها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد. وقيل : سميت ليلة القدر بذلك لخطرها وشرفها على سائر الليالي.
** (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : في هذه الليلة يفصل ويقضى كل أمر محكم .. أو كل شأن ذي حكمة أي مفعول ما تقتضيه الحكمة وهو من الإسناد المجازي لأن الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف الأمر بها مجاز.
** (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة المعنى : فانتظر يوم حلول الساعة يوم تأتي السماء بظلمة تغطي الناس والجو وهو من علامات قيام الساعة أو لأن الظلام يحل وذلك عام القحط والشدة لقلة الأمطار وكثرة الغبار فيرى المكروب ظلمة الجو كأنها دخان واضح .. أو لأن العرب تسمي الشر المتفاقم دخانا .. وقد اختلف في «الدخان» وعن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر» ويروى أنه قيل لابن مسعود : إن قاصا عند أبواب كندة يقول : إنه دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الخلق فقال : من علم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من علم الرجل أن يقول لشيء لا يعلمه الله أعلم. ومن أسماء يوم القيامة : الواقعة لأنها تقع بالخلق فتغشاهم. وعن الحسن : ما من يوم يمر إلا وينادي : إني يوم جديد وإني على ما يعمل شهيد ـ أي شاهد ـ فاغتنمني .. فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة.
** سبب نزول الآية : أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود : أن قريشا لما استعصت على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأبطئوا عن الإسلام قال : «اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ..» فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع .. فأنزل الله : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ) فأتي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر .. فاستسقى لهم فسقوا.
** (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة المعنى : سلموا لي بني إسرائيل ليخرجوا معي من مصر أو بمعنى : أدوا إلي حق الله من الايمان وقبول الدعوة التي بعثت بها. و «الأمين» تعني : الآمن .. وهو من «الأمن» وفعله :