وقيل : إن هذا الشعر للشاعر ذي الإصبع العدواني .. وقيل : هو لفروة بن مسيك المرادي وهو صحابي مخضرم. المعنى كما في المثل القائل : الشماتة لؤم. أي لا يفرح بنكبة الإنسان إلا من لؤم أصله. وفي حديث أيوب ـ عليهالسلام ـ أنه لما خرج من البلاء الذي كان فيه قيل له : أي شيء كان أشد عليك من جملة ما مر بك؟ قال : شماتة الأعداء. قال الشاعر :
سواي يهاب الموت أو يرهب الردى |
|
وغيري يهوى أن يعيش مخلدا |
ولكني لا أرهب الدهر إن سطا |
|
ولا أحذر الموت والزؤام إذا عدا |
ولو مد نحوي الدهر كفه |
|
لحدثت نفسي أن أمد له يدا |
يقال : تدهور الشيء ـ يتدهور ـ تدهورا : بمعنى : سقط من أعلى إلى أسفل وهو مأخوذ من تدهور الرمل : إذا انهال وسقط أكثره .. ودهور الرجل كلامه : بمعنى : أدخل بعضه في اثر بعض قال الشاعر :
ما مر بؤس ولا نعيم |
|
إلا ولي فيها نصيب |
نوائب الدهر أدبتني |
|
وإنما يوعظ الأديب |
وقيل : إذا أدبر الدهر عند قوم كفى عدوهم. أي إذا ساعدهم كفاهم أمر عدوهم.
** سبب نزول الآية : قال أبو هريرة : كان أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار .. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة والآية التي بعدها.
** (فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة السادسة والعشرين .. المعنى : لا يعلمون ذلك أي أن الله يحييهم ويميتهم ثم يجمعهم إلى يوم القيامة لقلة تفكرهم وقصر نظرهم وإدراكهم فحذف مفعول «يعلمون» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أي لا يعلمون أن الله قادر على إحيائهم مرة أخرى.
** (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والعشرين وجاءت المخاطبة «تجزون ما كنتم تعملون» والمخاطبون «أمة» لفظه مؤنثة وذلك لأن المراد : أهل أمة. فحدث التذكير على لفظ «أهل».
** (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والعشرين .. المعنى : نستكتب الملائكة الكتبة بتدوين أعمالكم وحفظها في صحيفة أعمالكم. وقد أضاف سبحانه في قوله : هذا كتابنا صحائف أعمالهم إلى نفسه لأنه سبحانه هو الذي أمر الكتبة بكتابتها.
** (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى : ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي أن يرضوه .. يقال : عتب عليه ـ يعتب ـ عتبا .. من بابي «ضرب» و «قتل» بمعنى لامه في تسخط وهو عاتب وعتاب ـ من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ وأعتبني : أي أزال الشكوى والعتاب .. واستعتب : بمعنى : طلب الإعتاب .. وأعتبه أيضا بمعنى : أرضاه بإزالة ما لامه من أجله والاسم منه : العتبى ـ بضم العين «أي الرضا».
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢١)