الجوهري : القوم : يذكر ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث مثل «الرهط» و «النفر» و «القوم». قال تعالى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) وقال : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) والقوم : هم الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه قال زهير :
وما أدري ولست إخال أدري |
|
أقوم آل حصن أم نساء |
وجمع «القوم» هو : أقوام وجمع الجمع : أقاوم وأقائم. قال تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) ثم قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء.
** (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والعشرين .. و «محتضر» اسم مفعول بمعنى : محضور أي يحضر الماء صاحبه في نوبته أي نصيبه. ومن أقوال بعضهم التي تجانب الصواب قولهم : هذا الرجل يحتضر ـ بكسر الضاد ـ أو هو محتضر ـ بكسر الضاد أيضا ـ والصواب أن يقال : يحتضر ـ بضم الياء وفتح الضاد ـ وهو محتضر ـ بفتح الضاد ـ لأنه اسم مفعول وليس اسم فاعل .. المعنى : تحضره الوفاة فالوفاة أو قابض الأرواح هو المحتضر ـ بكسر الضاد ـ لأنه اسم فاعل والرجل اسم مفعول أي حضرته المنية بمعنى : يودع الحياة وهو في النزع الأخير .. من «نزع المريض ينزع نزعا ..» من باب «ضرب» بمعنى : قلع .. وانتزع مثله .. فيصير المعنى وكأن الحياة تنتزع منه .. ومنه القول : اللبن محتضر ومحضور فغط إناءك : أي إنه كثير الآفة وإن الجن تحضره. ويقال : حضر يحضر حضورا : بمعنى : قدم من غيبته بضم الضاد أما بفتحها فماضيه حضر فمعناه : شهد.
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥)
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) : بدل من «ما» أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو حكمة مرفوع بالضمة المنونة. بالغة : صفة ـ نعت ـ لحكمة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة وحذف مفعول اسم الفاعل «بالغة» بمعنى : غايتها. أي هذا القرآن أو هذا الذي قدره الله تعالى عليهم لتماديهم بالغة غايتها تامة لا خلل فيها.
(فَما تُغْنِ النُّذُرُ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أو تكون نكرة بمعنى : شيء .. في محل نصب بتغني أي فأي غناء أو إغناء تغني النذر. تغن : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها أو حذفت للوصل. النذر : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : المنذرون جمع ـ نذير ـ وأنث الفعل «تغني» مع فاعله «النذر» على اللفظ لا المعنى أي على تأويل جماعة النذر بمعنى : فما ينفعه المنذرون أو تكون كلمة «نذير» بمعنى «الإنذار» أي فما تنفعهم الإنذارات.