تعالى بالنظام الأتمّ من غير سابقة قابليّة واستحقاق ، ومن هذا القبيل أيضا إنشاء الصّور الخياليّة القائمة لا في محلّ بمحض الإرادة من القوّة الخياليّة الّتي قد علمت أنّها مجرّدة من هذا العالم.
وهذا القول وإن شارك القول الأوّل من حيث إثبات الصورة الذهنيّة ، للمدركات إلّا أنّه يقابله ويضادّه من جهة ابتنائه على القول بالفعل دون الانفعال وهو وإن التجأ إلى ذلك القول فرارا عمّا ربّما يرد على القول بالصّور من الاعتراضات الكثيرة وحسبما تصدّوا لذكرها في محلّه إلّا أنّه لا يغني عنه شيئا من ذلك حسبما تسمع.
الفصل الثاني
في الإشارة الى أنواع العلوم وأصنافها
اعلم أنّ مطلق العلم الّذي هو انكشاف الشيء على ما هو عليه قد يسمّى حكمة ولذا عرّفوها بأنّها العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليها بحسب الطّاقة البشريّة الّتي لا إحاطة لها بالحقائق من حيث هي بل من حيث بعض الآثار واللّوازم والمبادئ والترتّبات ونحوها كما صرّح به غير واحد ممّن يظنّ رسوخهم في الحكمة المتعالية وهي تنقسم الى عقليّة وشرعيّة ، وإن كان كلّها عقليّة شرعيّة كما أنّها تنقسم الى نظريّة وعمليّة ، وإن كان كلّها نظريّة عمليّة ، فالحكمة النظريّة الّتي يعبّر عنها بالعلوم العقليّة ما كان المقصود من معرفتها نفس تلك المعرفة قصدا أوّليّا وإن قصد بها العمل أيضا كمعرفة الواجب والعلم بحدوث النفس وبقائها وعودها فإنّ هذه العلوم مقصودة في أنفسها وإن ترتّب عليها التعبّد بالشرعيّات أيضا ، ولذا