فرق المسلمين فضلا عن الكفار والمشركين فلم يحفظوا حدود التوحيد ، ولذا وقعوا في الشرك والإلحاد وإثبات الأضداد والأنداد وتكميل الذات بصفات زائدة وتوصيفه بسمات حادثة بائدة ، والقول بتعدد القدم والإلحاد في الصفات والأسماء.
وذلك لأنّهم قاسوا ربّهم بأنفسهم فاقتبسوا صفاته عن صفاتها فذهبوا الى القول بالصفات المشتركة كالعلم والقدرة والوجود وغيرها ، ولم يدروا أنه كلما يوجد في الخلق لا يوجد في خالقه ، وكلّما يمكن فيه يمتنع في صانعه وكيف يجرى عليه ما هو أجراه على خلقه ، وأنّي يعود فيه ما قد ابتدئه في صنعه إذا لتفاوتت ذاته ولتجزّء كنهه ولقامت فيه آية المصنوع ولتحوّل دليلا بعد ما كان مدلولا عليه.
وعلى كلّ حال فبعد الغضّ عن المباحث اللفظية اللغوية التي سمعت شطرا منها في تضاعيف ما مرّ ينبغي أن يقال : إنّ الكلام الذي تقول الأشاعرة بقدمه وكونه من صفات الذات يحتمل وجوها :
أحدها مطلق الملفوظ الخاص وإن تلفّظ به من كان أين كان متى كان أو خصوص ما تلفّظ به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد نزول الوحي أو ما أوحي إليه بان كان مسموعا وعلى الأخيرين يكون ملفوظ الغير حينئذ حكاية القرآن لا حقيقته.
ثانيها مطلق المكتوب الخاصّ أو خصوص المكتوب في اللّوح بالقلم الأعلى أو المكتوب بعد نزول الوحي عليه عليهالسلام.
وثالثها خصوص الكلمات والحروف المؤلّفة المنتظمة المترتبة بالترتيب الخاص بقطع النظر عن كونها ملفوظة أو مكتوبة أو مقروئة أو لا.
وهذه الوجوه الثلاثة بأقسامها لا ينبغي القول بقدم شيء منها لأنها مشتركة في انتظام الحروف وترتبها ، وكذا الكلام في الكلمات والآيات والسور ولأنها