وأمّا ما أجيب عنه من أنّ الأمور العامّة هناك ليست موضوعات بل محمولات تثبت للأعيان فلا يخلو من تكلّف مستغنى عنه ، وكذا في جعلها المشتقّات دون المبادي إذا لا فرق بين الموجود بما هو موجود والوجود والممكن بما هو ممكن والإمكان كما نصّ عليه الشّيخ في الشّفاء (١) وعلى هذا فيحتمل كونه من العلوم الإلهيّة أو الرياضيّة أو من مبادئ الأولى خاصّة أو مطلق الحكمة النظرية ، وإن كانت متعلقة بالأمور المجرّدة عن المادّة في الذهن خاصّة فهو العلم الرّياضي الّذي كانت العلماء يرتاضون به نفوسهم حيث يقدّمون شيئا منه في تعاليمهم على سائر العلوم حتّى المنطق تقويما لأفكار المتعلّمين ، وتأنيسا لطبايعهم بالبراهين كيلا يقبلوا شيئا من المطالب حتى يبلغ درجة الضرورة أو اليقين ، ولذا سمّي تعليميا أيضا لأنّه يبحث في أكثر فنونه عن الأجسام والسطوح والخطوط التعليميّة لأنّ المنشأ في تسميتها أيضا هو الأوّل ، ويسمّى بالعلم الأوسط لتوسّطه بين الإلهي الأعلى ، والطّبيعي الأدنى وإن كان ربما يقدّم عليه الطبيعي لوجوه ضعيفة نشير إليها إن شاء الله وأصوله أربعة :
أحدها : جو مطريا المفسّرة بالهندسة لأنّها بمعنى الأربعة الّتي هي الموضوع في هذا الفن أعني الجسم التعليمي الّذي هو الكميّة السارية في الأبعاد الثلاثة ونهايته
__________________
(١) الشّفاء في المنطق قيل هو من ثمانية عشر مجلدا وشرحه أبو عبد الله محمّد بن أحمد الأديب التيجاني صاحب «تحفة العروس» واختصره شمس الدين الخسروشاهي التبريزي المتوفى سنة ٦٥٢ ق.
كتب الشيخ أبو سعيد أبو الخير معرّضا لابن سيناء :
قطعنا الأخوّة عن معشر |
|
بهم مرض من كتاب الشفا |
فماتوا على دين رسطالس |
|
وعشنا على سنّة المصطفى |