من ستّة أو أربعة جزء من النبوّة وهي المبشّرات ، وفيه سبب توجّه النفس إلى عالمها واتصالها بمبادئها العالية الّتي يحصل لها به بعض العلوم الحقّة ، الواقعة على سبيل المشاهدة النفسانيّة أو الانطباع والانتقاش الرّوحانيّة وانقسامها إلى الصادقة الّتي هي ما سمعت والكاذبة الّتي هي من تركيب المتخيّلة ببعض الصور المخزونة في الخيال مع بعض ولذا تسمّى بأضغاث الأحلام ، ولكلّ منهما أسباب ومعدّات وشرائط داخلة وخارجة كالزّمان والمكان وفراغ النفس وعلّوها واعتياد الصدق والطهارة ونورانية جوهر النفس وقوّتها وقدرتها على خرق الحجب السبعة والاعتدال في الأحوال والأفعال بين طريقي الإفراط والتفريط سيمّا اعتدال مزاجه الشخصيّ والعضوي الدماغي ، وغير ذلك ممّا هي كالمعدّات للرّؤيا الصادقة وأضدادها لضدّها والملفقّ للملفق ومعرفة أنّ الرؤيا من أيّ القسمين وتبعيّة التعبير للواقع أو الواقع للتعبير أو كلّ لكلّ على وجه وتطبيق عالمي المثال والخيال وإن سمّي كلّ بكلّ مع قيدي الاتصال والانفصال وشرائط المعبّر والتعبير وكيفيته وأنّ هذا العلم إلهامّي أو كسبي أو الهامّي وكسبيّ إلى غير ذلك من المباحث الّتي سنشير إلى تحقيق جملة منها في سورة يوسف والّصافات وغيرهما إنشاء الله.
وعلم الفراسة الّذي قيل : هو علم بأمور بدنيّة ظاهرة تدلّ على ما خفي من السجايا والأخلاق ، وأوّل من استخرجه فليمون الرومي الطرسوسي (١) في عهد المعلّم فقبله وأجازه ثمّ توسّع الناس فيه حتى استأنس المسلمون له بقول تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (٢) ولذا يسمّى علم التوسّم أيضا وبقوله صلّى الله
__________________
(١) قال كاتب چلبي في كشف الظنون ج ٢ ص ١٣٤٢ : ولا فليمون كتاب في الفراسة يختص بالنسوان.
(٢) سورة الحجر آية : ٧٥.